الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢١
تبصره فافتح بصيرتك يا انسان بنور معارف القرآن وانظر أولية الرحمن بآخرية الرسول الهادي إلى عالم النور والرضوان واعلم أن الباري وحداني الذات في أول الأولين وخليفة الله فرداني الذات في آخر الآخرين كما بداكم تعودون فالله سبحانه رب الأرض والسماء وهذه الخليفة مرآة يرى بها كل الأشياء ويتجلى فيها الحق بجميع الأسماء وينكشف بنور عينه عين المسمى من عرف نفسه فقد عرف ربه (1) النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فاعرفه أيها السالك إلى الله حتى تعرف ربك قال تعالى

(١) اي من عرف النبي الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم فقد عرف ربه لأنه ص قال من رآني فقد رأى الحق كيف وروحانيته العقل الكلى الذي هو المجلى الأتم فهو ص بجامعيته مظهر اسم الله الأعظم هذا ما يناسب المقام أو من عرف نفسه التي هي خلقت على صوره الرحمن في جامعيته للأسماء وتعلمه تكوينا بها حيث لا يشذ عن وجودها اسم من الأسماء التنزيهية والتشبيهية إذا كانت بالفعل لا كالملك الذي هو مظهر اسم السبوح القدوس لا اسم السميع البصير ولا كالحيوان الذي بالعكس فقد عرف ربه لان معرفه الأثر بما هو اثر والعنوان بما هو عنوان معرفه المؤثر والمعنون ولا سيما هذا الأثر المحاكي الذي ليس شيئا على حياله أو من عرف نفسه بالعجز وان لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم عرف ربه بالقدرة وعمومها ومن عرف نفسه بالجهل وانها كانت في الأيام الخالية كمرآة خاليه وصفحه عاطله ثم تزينت بحلي العلم والمعرفة من عند الله الحكيم العليم عرف ربه بالعلم وإحاطة علمه بالكليات والجزئيات والعلوم والمعلومات ولا يحيطون بشئ ء من علمه الا بما شاء ومن عرف نفسه بالعبودية والفقر وان لا وجود ولا صفه ولا فعل الا لمولاه ولا يملك شيئا عرف ربه بالربوبية والمولوية والغنا.
وهكذا وجه رابع هو ان من عرف نفسه بالإحاطة على جميع المراتب المنطوية في وجوده وعالمه الصغير من الحقائق الروحانية والجسمانية والملكية والشيطانية فان في الانسان شئ كالملك وشئ كالفلك وشئ كالطبع وشئ كالنبات وشئ كالحيوان وشئ كالشيطان وفيك انطوى العالم الأكبر عرف ربه بالإحاطة على جميع مراتب العالم الكبير من الدرة إلى الذرة وجه خامس هو ان يكون من قبيل التعليق على المحال اي من عرف كنه ذاته مع كونه في مقام عقله الجزئي ووجوده المحدود ومع كونه مثل بوقلمون لا يمكن ضبط أطواره واحصاء شؤونه وفنونه فقد عرف كنه حقيقة ربه وليس فليس وبالجملة فكما ان للحق تعالى مقام خفاء هو الغيب المكنون عن جميع خلقه ومقام ظهور لا معروف بحسبه الا به يعرف إذ هو نور كل نور كذلك للنفس مقام خفى لا يكتنه ومقام ظهور لا معروف بهذا الاعتبار في مملكته من مراتبه وقواه الا به يعرف ولا ظهور لها الا ظهوره دانش نفست نه كار سرسريست گر بحق دانا شوى دانى كه چيست س قده.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست