الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٢
النفسي أيضا كاتبا ومتكلما من وجهين (1) فقس الحال فيما وراء ذلك التشخص الهوائي سواء كان فوقه كالنفس والعقل والباري أو تحته كالقرطاس والتخت والتراب فالنفس المرتسم فيهما الصور العقلية والعلوم النفسانية لوح كتابي بأحد الاعتبارين وجوهر متكلم ناطق بالاعتبار الاخر لان لها وجها إلى مصور عقلي وقلم علوي يصورها تلك العلوم والصور ولها أيضا وجه إلى قابل يقبل منه تلك الصور ويسمع منه الكلام وهكذا القياس في سائر المواضع فوضح ان كل كتاب كلام من جهة وكل كلام كتاب من جهة فافهم يا حبيبي ما ذكرته واعلم قدره فإنه حرى بذاك لأنه من الواردات الكشفية المختصة بمدون هذه الاسفار وفيه فوائد كثيره لا يسمع المجال عدها جميعا.
منها انه يليق بان يتصالح فيه أهل المذاهب الكلامية في باب الكلام وعمدتهم طائفتان المعتزلة فقالوا ان المتكلم من أوجد الكلام والأشاعرة فقالوا انه من قام به الكلام وقد صدق التعريفان عليه بالاعتبارين ومنها كيفية حدوث العالم منه تعالى إذ نسبه هذا العالم إلى الباري عند جماعه نسبه الكتاب إلى الكاتب وعند طائفه أخرى نسبه الكلام إلى المتكلم لكن طائفه أخرى رأوا ان النسبة اليه تعالى غير هاتين النسبتين (2) الا له الخلق والامر ومنها سر فناء العالم الكوني وزواله ودثوره ومنها

(1) ظهر من هذا ان الهواء النفسي كاتب في الوجه الأول مع أنه قد قال وذلك الفاعل هو النفس الناطقة في مثالنا وتوفيق انه أشار هنا إلى أن المراد من كون النفس ناطقه هي الفاعل للصور الكتبية في الوجه الأول النفس المتنفسة بما هي متنفسة فهي فاعله للتصوير والكتابة في القابل في هذه المرتبة النازلة س قده (2) إذ عند طلوع شمس الحقيقة لا يبقى وجود لشئ فضلا عن أن يكون له نسبه بأحد الوجهين فالنسبة المغائرة لها نسبه الحقيقة إلى المجاز أو نسبه اللا نسبه ومن هنا قال شيخ الرئيس الأول تعالى لا نسبه له إلى الأشياء انما الأشياء منتسبات اليه معناه انه إذا كانت الأشياء موضوعات فالأول تعالى بدها اللازم فلا بد من انتسابها اليه وإذا كان هو تعالى موضوعا كانت هي لسرابيتها مرفوعة فلا نسبه أصلا واما قوله الا له الخلق والامر فلا دلاله له على هذا ظاهره اللهم الا ان يكون اللام حرف النسبة ويكون الهاء هاء الهوية ويرام انه الأصل المحفوظ والسنخ المقوم للكل أو تكون حرف النسبة الاشراقية وينبغي الاستشهاد على أن معطى الشئ ليس فاقدا له س قده.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست