ويستريحوا فصار النور والظلمة على تضادهما متظاهرين على ما فيه صلاح قطان الأرض.
قيل وهيهنا نكته كان الله يقول لو وقعت الشمس في جانب من السماء جنوبي أو شمالي فالغنى قد يرفع بناء ه على كوه الفقير فلا يصل النور اليه لكني أدير الفلك وأسيرها حتى يجد الفقير نصيبه كما وجد الغنى نصيبه واما ارتفاع الشمس وانحطاطها فقد جعله الله سببا لإقامة الفصول الأربعة كما مر ففي الشتاء تغور الحرارة في الشجر والنبات فيتولد منه مواد الأغذية والثمار وتقوى أبدان الحيوانات بسبب احتقاق الحرارة الغريزية في البواطن وفي الربيع يتحرك الطباع ويظهر المواد المتولدة في الشتاء ويتنور الشجر ويورق ويزهر ويهيج الحيوان للفساد وفي الصيف يحتدم الهواء فتنضج الثمار ويتحلل فضول الأبدان ويجف وجه الأرض ويتهيأ للعمارة والزراعة وفي الخريف يظهر البرد واليبس فيدرك الثمار وتستعد الأبدان قليلا قليلا للشتاء واما القمر فهو تلو الشمس وخليفتها وبه يعلم عدد السنين والحساب ويضبط المواقيت الشرعية للصلاة (1) والصيام والحج ومنه يحصل النماء والرواء وقد جعل الله في طلوعه وغيبته وتشكلاته البدرية والهلالية مصلحة كثيره لا يعلمها الا هو.
قال الجاحظ إذا تأملت في هذا العالم الذي نحن الان فيه وجدته كالبيت المعد فيه كل ما يحتاج اليه فالسماء مرفوعه كالسقف والأرض ممدودة كالبساط والنجوم منضودة كالمصابيح والانسان كمالك البيت المتصرف فيه وضروب النبات مهياه لمنافعه وصنوف الحيوان منصرفه في منافعه.
وانى أقول إذا تأملت في عالم السماء بعظمها وكثره كواكبها وجدت بيتا معمورا (2)