لم يجد هذا فليس عنده علم بكلام الله عباده فإذا كلمه بالحجاب الصوري بلسان نبي أو من شاء الله من العالم فقد يصحبه الفهم وقد لا يصحبه ويتأخر عنه هذا هو الفرق بينهما وفيه إشارة إلى ضروب حيث قيد في القسم الأخير الواسط بالحجاب الصوري فالكلام الإلهي اما امرى بلا واسطه أو بواسطة حجاب معنوي أو حجاب صوري فليدرك غوره وليذعن حسن طوره أقول أيضا وللإشارة إلى هذه الضروب الثلاثة وقع من كلامه سبحانه حيث قال وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فالوحي عبارة عن الكلام الحقيقي الأولى الضروري الذي يكون عين الكلام مقصودا أصليا وغاية أولية والثاني إشارة إلى كلام يكون واردا بواسطة حجاب معنوي ويكون المقصود شيئا آخر يكتفى في حصوله نفس الكلام لكونه من اللوازم غير المنفكة ففي كل من الضربين يكون الفهم غير منفك سواء كان عينا أو لازما والطاعة لازمه سواء كان الاستماع نفس الطاعة أو مستلزمها والثالث إشارة إلى أدنى الكلام وهو النازل إلى اسماع الخلائق وآذان الأنام بواسطة الملائكة والناس من الرسل فيمكن فيه الانفكاك عن الفهم فيتطرق فيه المعصية والطاعة والإباء والقبول فافهم يا حبيبي هذا فإنه ذوق أهل الله وإياك ان تظن ان تلقى النبي ص كلام الله بواسطة جبرئيل وسماعه منه كاستماعك من النبي ص أو تقول ان النبي كان مقلد الجبرئيل (1) كالأمة للنبي ص هيهات أين هذا من ذاك هما نوعان متبائنان كما مر والتقليد لا يكون علما أصيلا ولا سماعا حقيقيا ابدا
(٩)