أجسام بلا نهاية وهو محال وان لم يجب فجاز ان يوجد جسم لا يجاوره جسم آخر فجاز الخلا والكل مندفع بأدنى تأمل وأقوى متشبثاتهم انا إذا رفعنا سطحا أملس واقعا أعلى سطح أملس مثله رفعا متساويا دفعه عند الحس فلا يخلو في الحقيقة اما ان يرتفع بعض اجزاء السطح الاعلى قبل بعض يلزم وقوع التفكك في ذلك الجسم وهو مما يكذبه الحس سيما في الحجر والحديد مثلا أو يرتفع اجزائه معا فيلزم من ذلك خلو وسطهما وقتا من الزمان من الجسم لان ذلك الجسم ينتقل من الخارج إلى الوسط وليس انتقاله من الثقب التي فيها إذ رب جسم لا ثقبه فيه ولو كانت لكان بين كل ثقبتين سطح متصل لا محاله فعلم أن انتقال الأجسام إلى الوسط يكون من الجوانب فبالضرورة يحتاج ان يمر بالطرف أولا لامتناع ان يكون في الوسط دفعه بلا مادة أو بلا استحالة لان كل استحالة في زمان أو ان يوجد في الوسط حين كونه في الطرف لامتناع حصول الجسم الواحد في مكانين فإذا كان مرورها بالطرف قبل مرورها بالوسط كان الوسط خاليا قبل ذلك وهو المطلوب.
وجوابه منع امكان الارتفاع لمثل ذلك السطح الأملس وما يرفعه من السطوح فلا يخلو من خشونة وتضاريس وان خفى ذلك على الحس.
وربما تمسكوا بعلامات أولها ان القارورة إذا مصت مصا شديدا وضم الثقب بالإصبع ثم كبت الثقبة في الماء وأزيل الإصبع دخل فيها ماء كثير فلو كانت مملوة هواء بعد المص لم يدخل الماء فيها بعد المص كما لم يدخل فيها قبله.
وثانيها لو ألصقنا أحد جانبي الزق مع الاخر بحيث لا يبقى فيها شئ من الهواء وشددنا الجوانب شدا وثيقا ثم رفعنا أحد الطرفين عن الاخر فحصل بينهما جوف خال وهو المطلوب.
وثالثها ان التجربة دلت على امكان دخول مسيله في زق مضموم الرأس يزاحم فيه الهواء بحيث انتفخ به فلو لم يكن فيه خلاء لم يمكن دخولها.