والبرودة في الانفعاليات وكالمصحاحية والممراضية في القوة واللا قوة وكالعلم والجهل والسخاوة والبخل في النفسانيات فينسلخ الموضوع من بعضها إلى البعض انسلاخا من كيفية منها وتلبسا بالأخرى وهذا دأب جميع الأضداد (1) التي بينها وسائط التي ليس زوال الموضوع عن أحدها مقارنا لوجود الطرف الآخر بل ربما خلا عن الطرفين إلى توسط فهذه الواسطة كأنها محدودة كالعدالة التي في حاق الوسط بين أفراطين والعفة التي هي متوسط بين أفراطين لكن هذه المتوسطات إذا قربت المواد الجزئية واعتبرت في الاشخاص ربما لم يعتبر توسطها الحقيقي فقيل عدالة زيد أشد من عدالة عمرو وان كانت العدالة بحسب ما يدرك بالحد لا بالحس لا يقبل الأزيد والأنقص.
واما هذا الجنس الرابع من الكيفية التي تختص بالكم فهي من الأمور التي لا أشدية ولا أضعفية لها فلا اضداد لها كالمربع والمخمس وغير ذلك فإنها لا تقبل الأشد والأضعف ولا الأزيد والأنقص فإذا زيد المربع فيراد بالمادة لا بصوره التربيع ولم يتيسر زيادة المادة مع اتحاد التربيع الحقيقي بل تشكلا شبيها به قد خفى عند الحس تخالفه له فيكون تربيع أصح من تربيع آخر لكونه تربيعا حسيا لا حقيقيا كالعدالة في زماننا هذا فإنها توجد بحسب الحس لا بحسب الحقيقة فيقال فلان اعدل من فلان.
واما كون حراره أشد من حراره أخرى أو سواد أشد من سواد آخر فليس ذلك بحسب الحس فقط بل بالحقيقة وليس حال الحرارتين في أن أحدهما أشد كحال التربيعين في أن أحدهما أصح تربيعا بل ذلك بحسب الحقيقة وهذا بحسب الحس كالعدالتين فالمربع الحسى كالعادل الحسى يقبل الأشد والأضعف حسا لا حقيقة.