المؤمنين كما في الأبوين، والقمرين، والعمرين، والظهرين مع أن قصة علي ومعاوية وقعت بعد نزول الآية ولم تنزل فيهما خاصة والاندراج لقاعدة التنزيل - أي مورد الآية - كان خاصا، والحكم بها عاما.
في التاريخ الكامل: كتب الحسن إلى معاوية: لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك فإني تركتك لإصلاح الأمة، وحقن دمائها (1).
وفي الصواعق أخرج البزار وغيره: أنه لما استخلف (الحسن) بينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر، وهو ساجد ثم خطب الناس فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذين قال الله فيهم " إنما يريد الله " الآية فما زال يقولها حتى ما بقي أحد في المسجد إلا وهو يبكي.
وفي الفتح، والكامل، وتاريخ الطبري، وغيرها: إنه لما بايع الناس الحسن بلغه مسير معاوية في أهل الشام إليه، فتجهز هو والجيش الذين كانوا بايعوا أباه وساروا من الكوفة إلى لقاء معاوية، وجعل قيس بن سعد بن عبادة على مقدمته في اثني عشر ألفا، فلما نزل الحسن (المدائن) نادى مناد في العسكر: ألا أن قيس بن سعد قد قتل فانفروا، فنفروا بسرادق الحسن فنهبوا متاعه حتى نازعوه بساطا كان تحته، وطعن بخنجر في بطنه (2). وفي حياة الحيوان وزاد: فلما خرج الحسن عدا عليه الجراح الأسدي - قاتله الله - وهو يسير معه فوجأه بالخنجر في فخذه ليقتله فقال الحسن: قتلتم أبي بالأمس، ووثبتم علي اليوم تريدون قتلي زهدا في العادلين، ورغبة في القاسطين، والله لتعلمن نباءه بعد حين.
ثم كتب إلى معاوية بتسليم الأمر إليه (3).
وفي حياة الحيوان: خطب الحسن، ثم قال: أما بعد فإن أكيس الكيس التقى، وأحمق الحمق الفجور، وأن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه إن كان له فهو أحق مني به، وإن كان لي فقد تركته له إرادة لإصلاح الأمة، وحقن دماء المسلمين. ثم رجع إلى المدينة وأقام بها فعوتب على ذلك فقال (عليه السلام): اخترت ثلاثا على ثلاث، الجماعة على الفرقة، وحقن الدماء على سفكها، والعار على النار (4).
وفي الصواعق: فكان أصحاب الحسن يقولون له: يا عار المؤمنين فيقول: العار خير من النار (5).
وقال له رجل السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال: لست بمذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك. ثم ارتحل من الكوفة إلى المدينة، وأقام بها (6).
ولا يخفى أن صلح الحسن وخلعه مما لا بد منه له لأنه كان أشد اضطرارا من أبيه لما لم يبق معه من عسكره رجل، بل طعنه رجل منه، وخالفه أصحابه، ونهبوا متاعه حتى بساطه والمصلى، وكانوا يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، فصالح معاوية بشروط ولم يف معاوية بها ولم يخف نقض عهده على أن المعجزة النبوية صدقت في قوله (عليه السلام): يصلح الله به بين فئتين من