الله)، " الله إنك تعلم أني رسولك "، يا علي واكتب: " هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ".
والله، لرسول الله خير من علي وقد محا نفسه ولم يكن محوه ذلك محوا من النبوة (1).
وبالإسناد عن علقمة قال: قلت لعلي (ع): أتجعل بينك وبين ابن آكلة الأكباد حكما؟! قال:
إني كنت كاتب رسول الله يوم الحديبية فكتبت: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقالوا: لو نعلم أنه رسول الله ما قاتلناه، امحها فقلت: هو والله رسول الله وإن رغم أنفك، لا والله لا أمحوها فقال لي رسول الله: أرني مكانها فأريته فمحاها، وقال: أما لك مثلها ستأتيها مضطهدا (مضطرا) (2).
قال الحافظ في الفتح، وفي حديث علي (ع) عند النسائي: أما أن لك مثلها، وستأتيها وأنت مضطر. (يشير - ص - إلى ما وقع لعلي يوم الحكمين فكان كذلك) (3).
وفي البخاري وشرحه للحافظ عن حبيب بن ثابت قصة دعوة عمرو بن العاص ومعاوية لعلي أن يعمل بالقرآن وجواب علي " أنا على الحق وغلط ما فهمتم " واعتراض الأصحاب كما اعترض عمر في الحديبية ومصلحة الصلح كما رأى النبي مصلحة. ورواه أحمد، والعدني، وأبو يعلى، وابن عساكر، والضياء (4).
وفي نهج البلاغة: ومن خطبة له (عليه السلام) في ذم أصحابه: أحمد الله على ما قضى، وما قدر وفعل، وعلى ابتلائي بكم أيتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع، وإذا دعوت لم تجب (إلى أن قال) أوليس عجبا أن معاوية يدعو لجفاة الطغام فيتبعون على غير معونته ولا عطاء، وأنا أدعوكم وأنتم تريكة الإسلام فتفرقون عني وتختلفون علي. (إنتهى منتخبا) (5).
وفيه: فخشيت إن لم أنصر الإسلام، وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به علي أعظم (6).
ولا يخفى أنه قد ظهرت غاية المصالحة بين أمير المؤمنين علي (ع)، وبين ملك الشام كما كانت بين النبي (ص) وبين الكفار يوم الحديبية، وإن اعترض بعض الناس على النبي ووصيه أيضا.
وفي مصالحة مصالح خفية لا يعقلها إلا العالمون، كما في قصة موسى والخضر من خرق السفينة، وقتل الغلام. فكما لا يقدح الصلح ثمة في نبوته فالنبي نبي، والكفار كفار، فهكذا لا يقدح في إمامته، فالإمام إمام، والملك ملك متمكن على بغاوته.
والمراد من الأمر في قوله تعالى " فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله " أما رجوع إلى الحق، وأما قتل، وأما صلح والصلح خير، ولا يغرنك تفسير قوله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا " الآية أنه دال على إيمان معاوية لأنها نزلت في طائفة من أصحاب أبي بن كعب رئيس المنافقين، وطائفة من أصحاب سيدنا محمد كما روى البخاري عن أنس، وغيره، فظهر من هذا إطلاق المؤمنين على المسلمين ولو كان بعضهم من المنافقين، أو من باب (التغليب) لعظمة شأن