وفي الدر المنثور: عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال رسول الله (ص) ليلة الخندق: ألا رجل يذهب إلى هؤلاء القوم فيأتينا بخبرهم جعله الله معي يوم القيامة. قال: فما قام منا إنسان، قال ثم عاد فسكتوا، ثم قال: يا أبا بكر، فقال: أستغفر الله رسوله ثم قال: إن شئت ذهبت يا عمر فقال:
أستغفر الله رسوله ثم قال: يا حذيفة، فقلت لبيك فقمت حتى أتيت وأن جنبي ليضربان من البر فمسح رأسي ووجهي، ثم قال إئت هؤلاء القوم حتى تأتينا بخبر (1).
في مدارج النبوة، وروضة الأحباب: " لمبارزة علي يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة " (2).
وفي شرح المقاصد للتفتازاني: " ومبارزة علي عمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة ". وقال: " لضربة علي خير من عبادة الثقلين " (3).
وفي الخصائص للسيوطي: أخرج ابن سعد من طريق الواقدي عن شيوخه أن عمرو بن عبد ود جعل يدعو يوم الخندق: هل من مبارز فقال علي بن أبي طالب (ع) أنا أبارزه، فأعطاه رسول الله (ص) سيفه وعممه وقال: اللهم أعنه عليه ثم برز له، ودنا أحدهما من صاحبه، وثارت بينهما غبرة، ضربه علي (ع) فقتله، وولى أصحابه هاربين (4).
أقول: وبه أستمد وأستعين: حصحص الحق أن (الشيخين) لم يذهبا في هذه المبارزة إلى استخبار القوم مع أنه (عليه السلام) حضهم، ووعدهم برفقة إبراهيم ودخول الجنة، ومصاحبة ذاته الشريفة، بل قالا في الجواب: أستغفر الله رسوله وهو في هذا المقام يفيد معنى الاستعفاء عن التعميل، وأن عليا (ع) قد بارز حق المبارزة، وأعطاه النبي (ص) سيفه وعممه، ودعا له، وجعل ضربته أفضل من أعمال أمته إلى يوم القيامة، (فيا أيها المنصفون، أعدلوا هو أقرب للتقوى).
تذنيب عليه توكلت، وإليه أنيب ولي في هذا المقام كلام وهو أن عليا أفضل من سائر الأنبياء والرسل، والملائكة المقربين وسائر خلق الله تعالى دون محمد (صلى الله عليه وآله) لوجوه:
منها: أن عليا نفس محمد (كما في آية المباهلة)، وأن محمدا أفضل من الكل فصار علي (ع) أفضل من الكل.
ومنها: أن الأنبياء، وأممهم كلهم من أمته من زمن آدم إلى يوم القيامة لما قال الله " لتؤمنن به ولتنصرنه "، ولقوله (عليه السلام): " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد، وفي رواية: " بين الماء والطين "، ولقوله عليه السلام: " بعثت إلى الناس كافة. ولما رأى آدم اسمه الشريف مكتوبا على العرش (محمد رسول الله) - كما أخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أنس مرفوعا: - لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا " لا إله إلا الله "، محمد رسول الله أيدته بعلي " رواه السيوطي في الخصائص