يكن من (خير أمة) فمن يكون. وأما السنة فقوله عليه السلام: " من كذب علي متعمدا " الحديث.
ولا يظن كذلك لمسلم فضلا عن صحابي، فلو وقعت هذه المسألة اليوم فلا يقبل إلا ببينة. قال الذهبي في ميزان الاعتدال: إن ابن حجر، والعيني أديا فرض البخاري على الأمة (أي بشرحهما كتابه).
أقول: يا للعجب أن دعوى جابر وحده صدقة أبو بكر لعدالته، وكونه صحابيا، وحسن الظن عليه بأنه لم يكذب على النبي (ص)، ولم يحتمل هذه الاحتمالات على علي، وفاطمة، والحسنين، وأم أيمن مع أن كلهم من أهل الجنة، ولهم من الفضائل ما ليس لجابر. فظهر أن أبا بكر لم يجعلهم كجابر وغيره.
السادس عشر: قد ادعت فاطمة مرة بالميراث، ومرة بالهبة. أما الميراث (فكما مر)، وأما الهبة فكما في (لباب النقول): أخرج الطبراني، وغيره عن أبي سعيد الخدري قال لما نزلت " وآت ذا القربى حقه " دعا رسول الله (ص) فاطمة، فأعطاها (فدكا)، وهكذا في الدر للسيوطي وزاد: ورواه أبو يعلى، والبزار، وسكت على إسناده (1). وكذا في (ترجمان القرآن).
وأما في شرح المواقف: أنه (ص) نحلها (أي أعطاها فدكا نحلة - أي عطية) وبمعناه في الصواعق، وكنز العمال، ومستدرك الحاكم (2). قال السيد في كتابه (الزهراء)، وفي الاكتفاء لإبراهيم ابن عبد الله اليمني الشافعي قالت فاطمة إن رسول الله (ص) أعطاني فدكا، قال أبو بكر: هل لك على هذا بينة، فجاءت بعلي (ص) فشهد لها، ثم بأن أيمن فقالت: أليس تشهد أني من أهل الجنة، قال بلى، قالت فأشهد أن النبي (ص) أعطاها (فدكا). فقال أبو بكر فبرجل تستحقها، وتستحقين بها القضية (3)؟! قال الفخر الرازي في (تفسيره الكبير): لما مات رسول الله (ص) ادعت فاطمة (عليها السلام) أنه كان نحلها (فدكا) فقال: أنت أعز الناس علي فقرا، وأحبهم إلي عنى، لكني لا أعرف صحة قولك، ولا يجوز أن أحكم بذلك فشهدت لها أم أيمن، ومولى رسول الله (ص).
وفي (الطبقات) لابن سعد بإسناده قال سمعت عمر يقول: لما كان اليوم الذي توفي فيه رسول الله (ص) بويع لأبي بكر في ذلك اليوم، فلما كان من الغد جاءت فاطمة (ع) إلى أبي بكر، ومعها علي (ع) فقالت: " ميراثي "، (هكذا ذكره السيد في رسالة الزهراء) (4).
قال العلامة ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة): سألت علي بن علي الفاروقي الشافعي (مدرس المدرسة العربية ببغداد) فقلت له ألا كانت صادقة؟! قال: نعم. فقلت فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك، وهي عنده صادقة، فتبسم (ثم قال كلاما لطيفا): لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غدا، وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه، ولم يمكنه الاعتذار والمدافعة بشئ لأنه يكون قد استحل على نفسه أنها صادقة فيما تدعي، (إنتهى).
قال السيد في كتابه الزهراء ناقلا عن (شرح نهج البلاغة) للعلامة ابن أبي الحديد، من كتاب