عن زيد بن أرقم (مرفوعا) قوله (ص) لعلي وفاطمة والحسن والحسين: " أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم "، قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء في هذا الحديث تحريم إيذاء النبي (ص) بكل حال وعلى كل وجه، وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحا (1).
وقد قال الله تعالى " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة، وأعد لهم عذابا مهينا "، قال " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات " فإذا ثبت أن من آذى فاطمة فهو ملعون، وظالم، وناقص الإيمان، ثبت أن يتبرأ منه لما قال سبحانه " الذين آمنوا ولم يلبسوا أيمانهم بظلم فأولئك لهم الأمن وهم مهتدون " فالظالم ليس بمهتد، ولم يستحق بالاقتداء الاهتداء.
ولا يقال: إن هذا الحديث الذي تمسك به أبو بكر ثابت في الكافي للكليني (باب صفة العلم) لأنا نقول هذا الحديث رواه أبو البختري، وهو من أكذب البرية عند الإمامية (كما في رجال الكشي): أبو البختري اسمه وهب بن وهب بن كثير بن زمعة بن الأسود صاحب رسول الله (ص) وهو رباه وقال علي أيضا، قال أبو محمد الفضل بن شاذان: كان أبو البختري من أكذب البرية، قال أبو العباس: وذكر رجل لأبي الحسن (الرضا) أبا البختري وحديثه عن جعفر وكان الرجل يكذبه، فقال له أبو الحسن (عليه السلام): لقد كذب على الله وملائكته ورسله، (إنتهى ملخصا) (2).
وفي رجال النجاشي: وهب بن وهب عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، أبو البختري، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وكان كذابا، وله أحاديث مع الرشيد في الكذب.
وأما عند أهل الجماعة وإن كان مقبولا كما قال ابن حجر في التقريب، لكن يثبت عن كتبهم أنه كذاب ووضاع كما قال السيد في (منهج الوصول إلى اصطلاح أحاديث الرسول)، قال زكريا الساجي: بلغني أن أبا البختري دخل على الرشيد وهو يطير الحمام فقال: هل تحفظ في هذا شيئا قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي (ص) كان يطير الحمام (3).
وفي حياة الحيوان: ذكر أن هارون الرشيد كان يعجبه الحمام، واللعب به فأهدي له حمام، وعنده أبو البختري (وهب القاضي)، فروى له بسنده عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: لا سبق إلا في خف، أو حافر، أو جناح. فزاد: (أو جناح)، وهي لفظة وضعها للرشيد فأعطاه جائزة سنية، فلما خرج قال الرشيد: والله لقد علمت أنه كذب على الرسول الله (ص)، (ثم قال) وكان أبو البختري المذكور قاضي مدينة النبي (ص) ثم ولي قضاء بغداد بعد أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، (إنتهى ملخصا) (4).
وإن سلم فالجواب: أن معنى الحديث ليس كما زعم، بل معناه أن العلماء ليسوا بورثة الأنبياء في الدراهم والدنانير وغيرهما، بل هم ورثتهم في الأحاديث، وإنما ورثة مالهم هم الوارثون من الأقربين كما لسائر الناس، وإنما قال (عليه السلام) لرفع شبهتهم الواقعة من لفظة ورثة الأنبياء. وأما ما جاء