كلا نوعيه، وهما: الاستعارة والتمثيل.
أما الاستعارة فأن تجعل قلوبهم - لأن الحق لا ينفذ فيها، ولا يخلص إلى ضمائرها من قبل إعراضهم عنه، واستكبارهم عن قبوله واعتماده - وأسماعهم - لأنها تمجه، وتنبو عن الاصغاء إليه، وتعاف استماعه كأنها مستوثق منها بالختم، وأبصارهم لأنها لا تجتلي آيات الله المعروضة، ودلائله المنصوبة، كما تجتليها أعين المعتبرين المستبصرين - كأنما غطى عليها، وحجبت، وحيل بينها وبين الادراك، وأما التمثيل فإن تمثل حيث لم ينتفعوا بها في الأغراض التي كلفوها وخلقوا من أجلها - بأشياء ضرب حجاب بينها وبين الاستنفاع بها بالختم والتغطية.
وقد جعل بعض المازنيين الحبسة في اللسان والعي ختما عليه فقال:
ختم الإله على لسان عذافر * ختما فليس على الكلام بقادر وإذا أراد النطق خلت لسانه * لحما يحركه لصقر ناقر!
" فإن قلت " لم أسند الختم إلى الله تعالى، وإسناده إليه يدل على المنع قبول الحق والتوصل إليه بطرقه، وهو قبيح، والله يتعالى عن فعل القبيح علوا كبيرا، لعلمه بقبحه، وعلمه بغناه عنه.
وقد نص على تنزيه ذاته بقوله: " وما أنا بظلام للعبيد "، " وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين "، " إن الله لا يأمر بالفحشاء ".
ونظائر ذلك مما نطق به التنزيل؟
" قلت " القصد إلى صفة القلوب بأنها كالمختوم عليها، وأما إسناد الختم إلى الله عز وجل، فلينبه على أن هذه الصفة في فرط تمكنها وثبات قدمها كالشئ الخلقي غير العرضي.
ألا ترى إلى قولهم فلان مجبول على كذا،، مفطور عليه، يريدون أنه بليغ في