المحبة، وعلى ترك العصبية، والترفع عن التنابز بالألقاب، والبعد عن سوء الظن فإن هذا من شأنه أن يطلق العنان للتفكير في حرية وهدوء والتماس للحقيقة دون خوف أو اضطراب أو بلبلة وألا يحول بين السني وانتفاعه برأي أخيه الشيعي، ولا بين الشيعي وانتفاعه برأي أخيه السني ما دام الجميع يصدرون عن أصل واحد.
إن المسلمين أمة واحدة لهم أصول تجمعهم، ومبادي قد اتفقوا عليها منذ أول يوم في تاريخ الإسلام، ولهم أهداف مشتركة في العالم، تدور حول الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أي حول اصطلاح العقيدة، والسلوك العملي للناس أفرادا كانوا أو شعوبا أو أمما فعليهم أن لا ينسوا ذلك، وألا يسمحوا لصغائر المسائل، والخلافات الفرعية بأن تفرقهم عنه، وتمزق شملهم دونه.
قلت لفضيلته: حقا إن الإسلام أمة واحدة، ولكن ما هي العوامل التي تحفظ لهم هذه الوحدة.
فأجاب فضيلته: إن أول هذه العوامل هو ما ذكرت لك من ترك العصبية والتماس الحق في تعاون وإنصاف.
فهذا شرط أول، وسيجر تحقيقه إلى تحقيق الشروط الأخرى، مثل استقبال الثقافة الإسلامية على أساس ثقافة واحدة، والانتفاع بما هنا وهناك دون نظر إلى كونه في هنا أو في هناك، فالكتب تنشر والرسائل تتبادل، والجامعات تتعارف، وتتبادل الطلاب والأساتذة... وهكذا.
ومثل العمل على التشاور والتزاور ودراسة المشكلات في جو أخوي، ومثل العمل علي تقوية الارتباط العاطفي بين المسلمين في مختلف الشعوب تحقيقا لما مثل به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
إن هذه العاطفة هي أهم الوشائج والروابط في بناء صرح الوحدة الإسلامية.