الثبات عليه، وكيف يتخيل ما خيل إليك وقد وردت الآية ناعية على الكفار شناعة صفتهم، وسماجة حالهم، ونيط بذلك الوعيد بعذاب عظيم، ويجوز أن تضرب الجملة كما هي - وهي ختم الله على قلوبهم - مثلا، كقولهم: سال به الوادي إذا هلك، وطارت به العنقاء، إذا أطال الغيبة، وليس للوادي ولا للعنقاء عمل في هلا كه، ولا في طول غيبة، وإنما هو تمثيل: مثلت حاله في هلاكه بحال من سال به الوادي وفي طول غيبته بحال من طارت به العنقاء، فكذلك مثلت حال قلوبهم فيما كانت عليه من التجافي عن الحق، بحال قلوب ختم الله عليها، نحو قلوب الأغتام (1) التي هي في خلوها من الفطن كقلوب البهائم، أو بحال قلوب البهائم أنفسها، أو بحال قلوب مقدر ختم الله عليها حتى لا تعي شيئا ولا تفقه، وليس له عز وجل فعل في تجافيها عن الحق، ونبوها عن قبوله، وهو متعال عن ذلك.
ويجوز أن يستعار الإسناد في نفسه من غير الله، فيكون الختم مسندا إلى اسم الله على سبيل المجاز، وهو لغيره حقيقة، تفسير هذا: أن للفعل ملابسات شتى:
يلابس الفاعل، والمفعول به، والمصدر، والزمان، والمكان، والمسبب له، فإسناده إلى الفاعل حقيقة، وقد يسند إلى هذه الأشياء عن طريق المجاز المسمى استعارة، وذلك لمضاهاتها للفاعل في ملابسة الفعل، كما يضاهي الرجل الأسد في جراءته، فيستعار له اسمه، فيقال في المفعول به: عيشة راضية، وماء دافق، وفي عكسه: سيل مفعم، وفي المصدر: شعر شاعر، وذيل ذائل، وفي الزمان: نهاره صائم، وليله قائم، وفي المكان: طريق سائر، ونهر جار،، أهل مكة يقولون: