وفاته حين رأى الصحابة (رض) في هرج ومرج - كتابا يحول بينهم وبين الضلال والتفرقة، لولا أن عمر بن الخطاب حال بينه وبين كتابة الكتاب.
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " من كنت مولاه فعلي مولاه " صريح في أن عليا أصبح منذئذ مولى كل مؤمن ومؤمنة.
أما الدليل العقلي: على أحقية الإمام علي بالخلافة كرم الله وجهه.
فهو أن الخلافة وتولي أمور المسلمين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يجدر أن يتولاها إلا من كان نسيج وحده، وقريع دهره في الشمائل والفضائل، وقد فات أقرانه، وأربى على الأكفاء، وتميز عن النظراء، وترفع عن الأشكال، وانفرد عن مواقف الأشباه، لا تفتح العين على مثله ولا يلقى نظيره، ولا يدرك قرينه، كاملا في دينه، وفي عمله، وفي تقواه، لإعلاء كلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ونصرة سيد الأنام (صلى الله عليه وآله وسلم).
وكان أسبق الخلق إلى الإسلام، غير مدافع وأفضلهم وأشجعهم، وأتقاهم غير معارض.
وكل هذه الصفات مستجمعة في الإمام علي الذي ولد مسلما، وأسلم بأمر من الله تبارك وتعالى، وتخرج من مدرسة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وترعرع وشب منذ نعومة أظفاره في رحاب سيد الوجود وإمام المتقين (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان جهاده في سبيل الإسلام فوق كل جهاد، وتقواه فوق كل تقوى، وبطولاته فوق كل بطولات، وإيمانه وزهده فوق كل زهد وإيمان، يصغي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهو يناجي ربه وخالقه فيرتوي من أقواله وعظاته ويعرف الفضيلة من مصدرها، والعرفان من ينبوعه، والإيمان من مقلعه، عرف كل ذاك.
وهو وليد في رحاب إمام المتقين (صلى الله عليه وآله وسلم) وحيث عنى بتربيته، يضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجره ويضمه إلى صدره، ويكنفه في فراشه، ويمسه جسده الشريف (صلى الله عليه وآله وسلم) ويشمه