المذاهب الفقهية الإسلامية - على كثرتها واختلاف طرقها - من أصول واحدة هي:
كتاب الله وسنة نبية.
وبدأ الأستاذ الأكبر يتحدث عن أثر الاجتهاد في الأحكام.
فقلت لفضيلته:
نحن لا ننكر الاجتهاد، ولكن الذي حدث هو أن المذاهب قد تفرقت به وتعددت، فما رأي فضيلتكم فيما وصل به الاجتهاد إلى التفرقة المذهبية التي نراها بين المسلمين؟.
فأجاب الأستاذ الأكبر قائلا:
وعلى رغم تعددها واختلافها في كثير من الأحكام، وتعدد الآراء في المسألة الواحدة فقد كان الجميع يلتقون عند حد واحد وكلمة سواء هي الإيمان بالمصادر الأولى وتقديس كتاب الله وسنة الرسول، وقد صح عن جميع الأئمة: " إذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا بقولي عرض الحائط ".
وفي هنا تعاون الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي والسني والشيعي ولم يبرز خلاف بين أرباب المذاهب إلا حينما نظروا إلى طرق الاجتهاد الخاصة وتأثروا بالرغبات، وخضعوا للإيحاءات الوافدة فوجدت ثقوب نفذ منها العدو المستمر.
وأخذ يعمل على توسيع تلك الثقوب، حتى استطاع أن يلج منها إلى وحدة المسلمين ليمزقها ويفرق شملها ويبعث العداوة بين أهلها: وبذلك دبت فيها بينهم عقارب العصبية المذهبية وكان من آثارها السيئة ما كان يحفظه التاريخ من تنابز أهل المذاهب بعضهم مع بعض وتحين الفرص لإيقاع بعضهم لبعض، والذين من ورائهم يدعوهم: هلموا إلى كلمة الله: (ولا تنازعوا فتفشلوا، وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين).