2 - وأنه يستعين في بيان ذلك بالآيات المشابهة لهذا الموضع في القرآن الكريم، وبالشعر، وبقول أبي علي الفارسي، وبما مألوف في العربية من مثل هذا التعبير بإسناد الفعل إلى من لم يفعله ولكن وقع بسبب منه فالختم أسند إلى الله لأنه بمعناه الذي فسر به كان بسبب عصيانهم لله، كما يقال أهلكته فلانة وهي لم تهلكه وإنما هلك باتباعها.
وأما الإمام الزمخشري في كتابه: " الكشاف " فقد عرض لهذا الموضوع في تفصيل أكبر، وضرب له كذلك أمثلة من الشعر والكلام العربي، وأورد فيه بعض الأسئلة ورد عليها، ومع كون الفكرة التي يؤيدها الإمام الزمخشري، هي نفس الفكرة التي رأينا الإمام الطبرسي يؤيدها، فإن عبارة الزمخشري أوسع وأشمل، وأمثلته من الشعر أوضح في بيان المقصود، وتخريجه العربي لهذا التعبير مبني على دراسة فنية بلاغية مقررة المبادئ بين العلماء.
فلو كان الطبرسي قد اطلع على كتابه: " الكشاف " لكان قد أيد ما ذهب إليه بما ذكره الزمخشري نقلا عنه أو تلخيصا له، ولكننا لا نجد بين العبارات في الكتابين تلاقيا إلا على الفكرة.
أما الأمثلة والعرض وأسلوب البحث فمختلفة.
والآن نورد نص الإمام الزمخشري، كما أوردنا نص الإمام الطبرسي، وندع للقراء أن يتأملوا النصين، على ضوء ما قلناه، فسيتضح لهم أن الطبرسي قطعا لم ير " الكشاف " وهو يؤلف " مجمع البيان ".
قال الزمخشري:
" فإن قلت ما معنى على القلوب والأسماع وتغشية الأبصار؟ قلت:
لا ختم ولا تغشية ثم على الحقيقة، وإنما هو من باب المجاز ويحتمل أن يكون من