صنف كتابا آخر في التفسير سماه:
" الكافي الشاف من كتاب الكشاف " ويظهر من اسمه أنه أتى فيه بما أطلع عليه من تفسير الزمخشري، ولم يكن قد عرفه حتى يودعه كتابه الأول، ويذكرون اسما آخر لكتاب ألفه بعد ذلك أيضا وأسماه " الوسيط " في أربع مجلدات، وكتابا ثالثا اسمه " الوجيز " في مجلد أو مجلدين، كل ذلك في تفسير القرآن الكريم، ألفه بعد تفسيره الأكبر " مجمع البيان "، وبعض هذه الكتب يعرف باسم " جامع الجوامع " لجمعه فيه بين فرائد التبيان، وزوائد الكشاف.
وقد أردت - قبل الكلام إلى القراء عن المعنى الذي يدل عليه هذا الصنيع من الإمام الطبرسي رحمه الله تعالى - أن أختبر هذا الخبر لأعلم هل هو صحيح؟ وذلك عن طريق الرجوع إلى بعض المواضع المشتركة في " الكشاف " و " مجمع البيان " كي يتبين الأمر في ضوء الواقع، فرجعت إلى أول موضع يظن أنهما يتلاقيان فيه، وهو تفسير قوله تعالى: (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم).
فأما الإمام الطبرسي في كتابه: " مجمع البيان " فقد تحدث من ناحية المعنى في موضعين:
أحدهما: معنى " لا يؤمنون " وما يتصل به من بيان عدم التعارض بين العلم الإلهي والتكليف، لأن العلم يتناول الشئ على ما هو به، ولا يجعله على ما هو به.
الثاني: معنى " ختم الله على قلوبهم " وبيان الآراء المختلفة فيه، وقد ذكر أربعة آراء وأيد الرابع منها وقواه بشواهده، وهذا هو نص كلامه في هذا الوجه الرابع، نورده لنضعه موضع المقارنة مع كلام الزمخشري حتى يتبين الفرق بينهما قال الطبرسي: " ورابعها: أن الله وصف من ذمه بهذا الكلام بأن قلبه ضاق عن النظر والاستدلال فلم ينشرح له، فهو خلاف من ذكر في قوله: