" أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه " ومثل قوله:
" أم على قلوب أقفالها " وقوله: " وقالوا قلوبنا غلف "، " وقلوبنا في أكنة " ويقوي ذلك أن المطبوع على قلبه وصف بقلة الفهم لما يسمع من أجل الطبع فقال:
" بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا " وقال:
" وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ". ويبين ذلك قوله تعالى: " قل أرأيتم أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم علي قلوبكم " فعدل الختم على القلوب بأخذه السمع والبصر، فدل هذا على أن الختم على القلب هو أن يصير على وصف لا ينتفع به فيما يحتاج فيه إليه كما لا ينتفع بالسمع والبصر مع أخذهما. وإنما يكون ضيقة بألا يتسع لما يحتاج إليه فيه من النظر والاستدلال الفاصل بين الحق والباطل، وهذا كما يوصف الجبان بأنه لا قلب له إذا بولغ في وصفه بالجبن، لأن الشجاعة محلها القلب، فإذا لم يكن القلب الذي هو محل الشجاعة لو كانت فإن لا تكون الشجاعة أولى - قال طرفة:
فالهبيت لا فؤاد له * والثبيت قلبه قيمه وكما وصف الجبان بأنه لا فؤاد له، وأنه يراعة، وأنه مجوف: كذلك وصف من بعد عن قبول الإسلام بعد الدعاء إليه، وإقامة الحجة عليه، بأنه مختوم على قلبه، ومطبوع عليه، وضيق صدره، وقلبه في كنان وفي غلاف.
وهذا من كلام الشيخ أبي علي الفارسي، وإنما: قال ختم الله، وطبع الله، لأن ذلك كان لعصيانهم الله تعالى، فجاز ذلك اللفظ، كما يقال: أهلكته فلانة إذا أعجب بها، وهي لا تفعل به شيئا لأنه هلك في اتباعها.
هذا هو نص كلامه، ومنه يتبين:
1 - أنه يؤيد الرأي القائل بأن الختم ليس حقيقا، إنما هو على معنى من المجاز.