صلى المقام، وفي المسبب: بنى الأمير المدينة وناقة ضبوث وحلوب (1) الخ.
هذا هو نص كلام الزمخشري في الكشاف، وبينه وبين كلام الطبرسي فرق بعيد، ومثل هذا الذي جعل مؤلف " مجمع البيان " لا يقنع بما وصل إليه، حتى يصله بما جد له العلم، فيخرج ما أخرج من كتاب جديد، جمع فيه بين الطريف والتليد!.
* * * إنني أقف هنا موقف الإكبار والإجلال لهذا الخلق العلمي، بل لهذه العظمة في الإخلاص للعلم والمعرفة، فهذا الصنيع يدل على أن الرجل كان قد بلغ به حب الدراسات القرآنية حدا كبيرا، فهو يتابعها في استقصاء، ثم يجهد نفسه في تسجيلها وترتيبها على هذا النحو الفريد الذي ظهر في " مجمع البيان "، ثم لا يكتفي بما بذل في ذلك من جهد كفيل بتخليد ذكره، حتى يضيف إلى آثاره العلمية ما جد له بعد أن انتهى من تأليف كتابه، ولعله حينئذ كان قد بلغ السبعين أو جاوزها!.
إن هذا اللون من المتابعة ومن النشاط العقلي، أو المراقبة العلمية العقلية لفن من الفنون، ما كان منه، وما جد فيه، وما يمكن أن يضاف إليه، هو السمة الأولى التي يتسم بها العالم المخلص المحب لما يدرس، الذي يؤمن بالعلم، ويعرف أن بابه لم يقفل، وأنه ليس لأحد أن يزعم أنه في شئ منه الكلمة الأخيرة، فهو يتابع " السوق العلمية " إن صح هذا التمثيل، ويراقبها مراقبة الهواة الذين يحرصون على اقتناء الطرف والتحف، ونحن نجد هذا الخلق العلمي في عصرنا الحاضر هو الذروة التي