وقيل في معنى الصراط المستقيم وجوه:
أحدها: أنه كتاب الله - وهو المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعن علي (عليه السلام) وابن مسعود.
وثانيها: أنه الإسلام - وهو المروي عن جابر وابن عباس.
وثالثهما: أنه دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره - عن محمد بن الحنفية.
والرابع: أنه النبي صلى الله عليه آله وسلم والأئمة القائمون مقامه - وهو المروي في أخبارنا.
" والأولى حمل الآية العموم حتى ندخل جميع ذلك فيه: لأن الصراط المستقيم هو الدين الذي أمر الله به من التوحيد والعدل، وولاية من أوجب الله طاعته ".
فظاهر أن الرواية الأخيرة هي أقرب الروايات تناسبا مع مذهب الشيعة في:
" الأئمة " وهي المروية في أخبارهم، ولكن المؤلف مع هذا لا يعطيها منزلة الأولية في الذكر، ولا الأولوية في الترجيح، بل يعرضها، عرضا روائيا مع غيرها، ثم يحمل الآية على ما حملها عليه من العموم، وما أبرعه إذ يقول:
" وولاية من أوجب الله طاعته "! إن الشيعي والسني كليهما لا ينبوان عن هذه العبارة، فكل مؤمن يعتقد أن هناك من أوجب الله طاعته، وفي مقدمتهم الرسول وأولو الأمر، ووجه البراعة في ذلك أنه لم يعرض للفصل في مسألة " الولاية " و " الإمامة " هنا، لأن المقام لا يقتضي هذا الأمر، ولكنه مع ذلك أتى بعبارة يرتضيها الجميع، ولا ينبو عنها أي فكر.
على أنه - رحمه الله تعالى - متأثر مع ذلك إلى حد ما بما هو ديدن جمهرة المفسرين من إعطاء أسباب النزول أهمية خاصة، ذلك الأمر الذي يتعارض مع مجئ القرآن عاما خالدا شاملا لجميع الصور التي تدل عليها عباراته المنزلة من لدن حكيم خبير، على ما تقتضيه الدقة والأحكام، ولكن الإمام الطبرسي لا ينفرد بذلك