كلما وقعت منها على صدفة رأيتها انطوت على كنز تفرد في الكنوز وعز في الذخائر، يكاد يحسبه الرائي نسيج وحده، ثم لا يلبث أن يقع على سواه أبهى وأثمن في صدفة أخرى مكنونة ثم بعدها في صدفات - مختلفة، ومؤتلفة جمة العديد موفورة - بقدر ما ضم غور البحر من قطرات مائه، وما غشى الشاطئ من حبات حصبائه...
وكان " الأميني " هو الغواص الذي وكل بالكشف عن الفرائد الغوالي حتى لهم أن يجرد منها الأغوار.. ثم كان الجوهري ذا اليد الصناع، يؤلف ويصنف من القلائد الخوالد ما لم يدع بعدها فتنة للأنظار!..
هذا جهد يجل عن الطاقة، لم تنوء به همة المؤلف الجليل ولم يقعد دون شأوه اصطباره، ولقد ظللت، أعجب - وحق لي - كيف وسعه أن يخضع وقته لبحث طوف به نيفا وألفا ونصفا من الأعوام، غير آيس ولا ملول، منقبا فيها عن كل هذه التحف الذهنية التي هم غبار الزمن أن يغيبها عن أعين هذا الجيل!.. ولكنه صبر ليس ينجبه سوى إيمان للرجل وثيق بقدر عمله وجدواه، وإيمان أيضا بشخصية الإمام العظيم بلغ أعلا ذراه...
ومن العسير على أي امرئ يقرأ " الغدير " أن يفيه في عجالة كهذه قصيرة وأنا كذلك معلن قصوري بين يدي تقديري!.. فليس بنصوص من روائع الأدب، ولا نظيما من عيون القصيد، ولا صحائف مجتباة من بطون التاريخ.. لا ولا قصصا حيا يرد الأجيال ويرسم الرجال والأبطال، ولكنه هذه كلها وبعض سواها، عصى على من لم يتوفر عمره المديد على دراسة نواحيها أن يأتي فيه بالرأي الراشد الذي يقارب الصواب.
ومن هنا بدا لنا علم " الأميني " عالما فسيحا يضل فيه وعي القراء كما يضل وعي النقاد، فلقد جاء كتابه " موسوعة " زاخرة تفيض بالممتع والمحكم، وتلم من كل