هو نفسه القدوة والمثال.
ولم يعرف التاريخ، فيما إخال هاديا تصدى لإصلاح حال قومه، وأخذهم بمبادئ الإسلام كالإمام..
نعم: يكن مجرد داعية إلى الله، وبينهم كتاب الله ما أيسر رجوعهم إليه لو شاءوا الاهتداء.. ولكنه ترجم الدين إلى أسلوب حياة وإعادة نقله - بعد خلو حياتهم العامة من محمد - إلى حين التطبيق.. وعندما ترنو إلى سعيه في هذا المضمار نكاد نجد جهده امتدادا لجهد الرسول، وعهده امتدادا لعهده عليه الصلاة والسلام.
وليس معنى هذا أن الألى سبقوه إلى حكم الأمة فرطوا في الكتاب، ولكنه يعني أن الدنيا - حين آل إليه الأمر - كانت قد أقبلت على الناس كل الإقبال، " فنسوا حظا مما قد ذكروا به "، وانشغل الأكثرون منهم بالعروض من متاع ومال وجاه حتى لكأنهم آثروا العيش على مظاهر الدين دون اللباب وعلى المقولات دون المعقولات .. واستفاض بهم هذا الانشغال الاستفاضة التي تنذر بجاهلية جديدة توشك أن تستأثر الجميع.. وظن ومن يظنون أن دور الإمام، في تلك الفترة القصيرة التي تولى فيها السلطان - كان مجرد العناية - بتذكير الأمة بأوامر الله ونواهيه، أو الاقتصار على الكشف لها عن أسرار القرآن وخفاياه، إنما هو محض خيال..
ذلك لأن الثابت قطعا أنه أخرج للناس سياسة عامة للإصلاح وإعادة بناء الإنسان، لا تأخذه بالقسور، بل تقوم - قبل أي شئ وكل شئ على جوهر الدين..
رسم فيها خطة شاملة لشؤون الداخل والخارج ولاء بها بين الصالح العام ونفع الأفراد. تحسن السير بالأمور كما تحسن قيادة الناس. مطوعا إياها لمقابلة كافة الاحتمالات في تطورات الأحداث، وتغيرات الظروف، وانطلاقة الزمن بالحكمة، وسعة الأفق، ودقة التفكير، وأحكام التقدير مع مرونة المداولة بين مختلف أساليب