التي تفتح طرائق وآفاقا بلا حدود لمن أراد التماس الحق كاملا غير منقوص، والحكمة صافية غير مشوبة..
ولقد استعصى علي، كما استعصى علي بلا ريب سواي، الإحاطة بكل ما أوتيه، والأخذ بكل ما أعطاه، لأن بلوغ الكمال محال، ولأن النفس البشرية، مهما ارتقت في مدارج النقاء، خليقة بأن تخطئ وإن هي حاولت مباعدة الأخطاء فالعصمة لله. وابن آدم خطاء، والحرص على التزام المحجة البيضاء لا يمنع إنسانا من الانحراف عن سوء السبيل، آونة أو آونات، فيرى في القبيح المليح، ويرى في المليح القبيح، وقد يجئ هذا نتيجة محاولة بريئة لتفهم جديد، أو تبرير وضع طارئ، أو اجتهاد رأي في مشكلة بيئية تربت على تغير في الظروف والأحوال.. هذا بالإضافة إلى أن الطبيعة الآدمية كما فيها من النور فإن فيها من الظلام.
من السلوك البشري.. وإن اختلف باختلاف المواقع والأفراد.. وإن كان وليد تفاعلات نفسية معقدة..
فإنه أيضا على وجه من الوجوه ظاهرة اجتماعية عامة تقوم أساسا على ركيزتين هما: التلقين والتقليد.. ومن هنا فإن قادة الشعوب، ودعاة الإصلاح أو التغيير، يعمدون من خلال هاتين الركيزتين إلى تطور مجتمعاتهم وإعادة صياغتها من جديد. فإذا هم يبثون فيها - بالدعوة المستمرة الدائبة - أما اختاروا لها من آراء، يلقنونها الكبار والصغار. ثم يقرنون مرحلة البث بمرحلة التقليد أو تثبيت تلك الآراء في أذهان الناس عن طريق التطبيق العملي، بضرب الأسوة، حملا لهم على الاقتداء والأداء..
وذلك هو ما يحدث بالنسبة لجميع الأديان.. تتنزل رسالات السماء على من يجتبيهم الله من عباده المرسلين، فيخص كل رسول إلى تبليغ من بعث فيهم ويكون