ومما يؤكد هذا الظن أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد كرر هذا الموقف في غزوة تبوك مع الإمام علي وصرح أمام الصحابة بمقالة فيه أثارت الريب في نفوسهم..
يروي البخاري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج إلى تبوك واستخلف عليا. فقال:
أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي.. (1).
ولعل الصحابة تذكروا هذا النص حين أمرهم بالخروج في بعث أسامة وأدركوا أن الأمر يحمل أبعادا أخرى تتعدى مسألة الخروج خاصة بعد أن رأوا الرسول قد استبقى عليا مع إصراره على خروجهم من المدينة.
إن بعث أسامة يكشف أمامنا قضية هامة وهي قضية التفضيل. تفضيل الصحابة على بعضهم. وتفضيل أبي بكر وعمر على الصحابة بل على الأمة. فإن هذا التفضيل لو كان حقيقة ما جعل رسول الله أسامة أميرا على أبي بكر وعمر وما استبقى عليا..
كما يكشف لنا من جهة أخرى أنه لو كان الرسول قد نص على استخلاف أبي بكر كما يقال ما وضعه على مقدمة الجيش بينما هو على فراش المرض الذي توفي فيه (2).
يقول ابن حجر: كان تجهيز أسامة قبل موت الرسول بيومين فندب الناس لغزو الروم في آخر صفر. ودعا أسامة فقال: سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش.. فعقد الرسول لأسامة لواء بيده. وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وأبي عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم ثم اشتد على الرسول وجعه: فقال انفذوا بعث أسامة. فتكلم