كل قيد: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} (1). وحاصل الآيتين أن أصل الشفاعة التي يدعيها اليهود ويلوذ بها الوثنيون حق ثابت في الشريعة السماوية، غير أن لها شروطا أهمها إذنه سبحانه للشافع ورضاؤه للمشفوع له.
ولعل أوضح دليل على عمومية الشفاعة في الإسلام ما اتفق على نقله المحدثون من قوله (صلى الله عليه وآله): " ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " (2).
فكان دافع المعتزلة بتخصيص آيات الشفاعة بأهل الطاعة دون العصاة هو الموقف الذي اتخذوه في حق العصاة ومقترفي الذنوب في أبحاثهم الكلامية، فإنهم قالوا بخلود أهل العصيان في النار.
ومن الواضح أن من يتخذ مثل هذا الموقف لا يصح له أن يعمم آيات الشفاعة إلى العصاة، وذلك لأن التخليد في النار لا يجتمع مع التخلص عنها بالشفاعة.
قال الشيخ المفيد: اتفقت الإمامية على أن الوعيد بالخلود في النار موجهة إلى الكفار خاصة، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى، والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعموا أن الوعيد بالخلود في النار عام في الكفار وجميع فساق أهل الصلاة.
واتفقت الإمامية على أن من عذب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة لم يخلد في العذاب وأخرج من النار إلى الجنة، فينعم فيها على الدوام ووافقهم على ذلك من عددناهم، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أنه لا يخرج من النار أحد دخلها للعذاب (3).
نعم، نسب العلامة الحلي في " كشف المراد " تلك العقيدة إلى بعض المعتزلة لا