فإن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود كما بدأ، كلمة من الله ووصية من رسول الله (ص) يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، ومع اليوم غد، ومع السبت أحد، قال عمار بن ياسر: رضي الله عنه يوم (صفين): لو ضربونا حتى نبلغ سعفات (هجر) لعلمنا أنا على الحق، وأنهم على الباطل، ولقد هرم رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم هزم، ولقد تأخر أمر الإسلام ثم تقدم * (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) * ولولا محنة المؤمنين وقلتهم ودولة الكافرين وكثرتهم لما امتلأت جهنم، حتى تقول: هل من مزيد ولما قال الله تعالى: * (ولكن أكثرهم لا يعلمون) * ولما تبين الجزوع من الصبور، ولا عرف الشكور من الكفور، ولما استحق المطيع الأجر، ولا أحتقب العاصي الوزر، فإن أصابتنا نكبة فذلك ما قد تعودناه، وإن رجعت لنا دولة فذلك ما قد انتظرناه، وعندنا بحمد الله تعالى لكل حالة آلة، ولكل مقام مقالة، فعند المحن الصبر، وعند النعم الشكر، ولقد شتم أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر ألف شهر، فما شككنا في وصيته، وكذب محمد صلى الله عليه وآله بضع عشرة سنة، فما اتهمناه في نبوته، وعاش إبليس مدة تزيد على المدد، فلم نرقب في لعنته، وابتلينا بفترة الحق، ونحن مستيقنون بدولته، ودفعنا إلى قتل الإمام بعد الإمام والرضا بعد الرضا، ولا مرية عندنا في صحة إمامته، وكان وعد الله مفعولا، وكان أمر الله قدرا مقدورا، كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، ولتعلمن نبأه بعد حين.. ".
وحكت هذه الكلمات صمود الشيعة، وعدم اكتراثها بالضربات القاسية والموجعة التي تلقتها من الإرهابيين والمجرمين من أعداء أهل البيت، فلم تنثن عن ولائها للإمام أمير المؤمنين وأبنائه الأئمة الطاهرين، دعاة العدل الاجتماعي في الإسلام، وقد أثبتت الشيعة في مواقفها الصلبة أيام الحكم الأموي والحكم العباسي أنها من أصلب المدافعين عن الإسلام، والمناهضين للجور والطغيان، فقد رفعت راية الإسلام عالية خفاقة، ولم تحفل بالكوارث والخطوب التي صبها عليهم أولئك اللصوص من حكام الأمويين والعباسيين... ويستمر الخوارزمي في رسالته، فيقول: