بيعته، ولم ينفعه أن أسخط الله برضاه، وأن ركب ما لا يهواه، وحلت من الدوانيقي الدنيا، فخبط فيها عسفا، وتقضى فيها جورا وحيفا، إلى أن مات، وقد امتلأت سجونه بأهل بيت الرسالة، ومعدن الطيب والطهارة، قد تتبع غائبهم، وتلقط حاضرهم، حتى قتل عبد الله ابن محمد بن عبد الله الحسني (بالسند) على يد عمر بن هشام التغلبي، فما ظنك بمن قرب متناولة عليه، ولان مسه على يديه؟ وهذا قليل في جنب ما قتله هارون منهم، وفعله موسى قبله بهم فقد عرفتم ما توجه على الحسين بن علي ب (فخ) من موسى، وما اتفق على علي بن الأفطس الحسيني من هارون، وما جرى على أحمد بن علي الزيدي، وعلى القاسم بن علي الحسني من حبسه وعلى ابن غسان حاضر الخزاعي حين أخذ من قبله، والجملة أن هارون مات وقد حصد شجرة النبوة، واقتلع غرس الإمامة وأنتم أصلحكم الله أعظم نصيبا في الدين من الأعمش فقد شتموه، ومن شريك فقد عزلوه، ومن هشام بن الحكم فقد أخافوه، ومن علي بن يقطين فقد اتهموه.. ".
وحكى هذا المقطع المآسي والنكبات التي جرت على السادة العلويين وعلى شيعتهم في عهد العباسيين فقد أسرفوا في ظلمهم وأمعنوا في قتلهم، وفعلوا بهم ما لم تفعلهم بهم عتاة بني أمية، وقد ذكر الخوارزمي قائمة بأسماء السادة العلويين الذي قتلهم أبو مسلم الخراساني الذي انتقم الله منه، فقد أذاقه المنصور الكأس التي سقى به مئات الآلاف من المسلمين، وخصوصا السادة العلويين، وأعظم ما جرى على العلويين في عهد المنصور الدوانيقي فقد أسرف هذا الطاغية في قتلهم، فقد انمحت من نفسه جميع أفانين المروة والشرف، ولم يرع أي حق لرسول الله صلى الله عليه في ذريته وبنيه، فقد طاردهم وتتبعهم تحت كل حجر ومدر فمن عثر عليه قتله أو أودعه في ظلمات السجون، ولما هلك هذا الطاغية كانت زنزانة سجونه مليئة بالأبرياء من السادة وشيعتهم واستمر الظلم على العلويين من أبناء المنصور وأحفاده، وكان من أقسى ما لاقوه وعانوه في عهد الطاغية هارون، فقد أباد أبناء النبي (ص) قتلا وتنكيلا واعتدى على سيد العترة في عصره الإمام الأعظم موسى ين جعفر عليه السلام فأودعه حفنة من السنين في سجونه، ثم اغتاله بالسم، ويستمر الخوارزمي في ذكر ما جرى على