2 - وليس الحفظ معينا على التحقق من المعنى أكثر من الكتابة:
أليس الكتاب هو المتوفر عند الإنسان دائما، ويمكنه مراجعته مكررا، حتى يفهم معانيه، ويتحقق من صحة ما فهمه، كما هو المعمول به عند العلماء والمحققين؟.
3 - وأما أن الحفظ يحمل المرء على المراجعة:
فقد يقال في خلافه: إن الكتاب بما أنه حرز مأمون، لا يخون، ولا تعرضه آفات الذاكرة من السهو والنسيان والذهول والغفلة، فهو أدعى للاعتماد.
4 - وأما مسألة الحمل ومؤونته!
فهذا كلام ينفذ في سوق الحمالين، ولا يناسب الاستدلال به في الكتب العلمية والبحوث التحقيقية، فهل بإمكان طالب علم أو عالم أن يستغني عن الكتب، مهما ثقل وزنها، ومهما كمل حفظه وبلغ علمه، وهل كل من حمل أسفار الكتب أو امتلكها كان مخطئا يقال له ذلك المثل، الذي إنما جاء مثلا لمن لا يعمل بعلمه، وإن لم يكن له كتاب!
إن هذه هفوة كبيرة لقدر هذا الدكتور الكبير!
والحق أن لكل من الحفظ والكتابة، ميزات تخصه، ومحسنات تميزه، وليس القياس بين من يحفظ ولا يكتب، أو من يكتب ولا يحفظ، قياسا صحيحا، إذ لا منافاة بينهما أساسا، بل الكتابة تزيد الحافظة قوة وسدادا، وكل واحد منهما ضروري في مجاله الخاص، وعندما تدعو الحاجة إليه.