ومن هنا نعرف مدى التعنت في جواب أبي سعيد الخدري، لقول أبي نضرة: لو كتبتم لنا فإنا لا نحفظ.
حيث أجاب أبو سعيد بقوله: لا نكتبكم... فاحفظوا (1).
فنجد أن الراوي يستغيث إلى أبي سعيد من عدم الحفظ - ولعله كان قد احتاط للأمر بذكر أضعف الأحوال وأبعد المحتملات، وهي صورة عدم إمكان الحفظ - لكن أبا سعيد أصر على رأيه بلزوم الحفظ، أليس هذا من التكليف بما لا يطاق، الذي تأباه العقول؟.
وهلا تعلم أبو سعيد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الصادع بالشريعة، حيث قال - لمن شكا إليه سوء الحفظ -: استعن بيمينك؟!.
وهل علينا أن نجعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أسوة، وكلامه حجة، أو أن نلتزم بكلام أبي سعيد؟! وأمره!
3 - أن القرآن الكريم، وهو الوحي الإلهي المقدس، مع أن نصه محدود بما بين الدفتين، والحفاظ عليه واجب عين، ومن ضروريات الدين، وبديهيات الشرع المبين، بل من أبده الواجبات على المسلمين، وقد ورد التأكيد من الشرع الشريف على استحباب حفظه على الخواطر (3) لكن لم يقل أحد بوجوب حفظه على الخاطر، بل نجد المسلمين - منذ الصدر الأول وحتى اليوم - يهتمون بكتابته، وتدوينه، وتسجيله بشتى الوسائل والصور،