كائن فيما بيني وبين قيام الساعة " (1).
ثم لا يذهب عليك أن الأصول والقواعد الكلية المبينة في الإسلام ثابتة، بحيث لا تحتاج إلى التغيير والتبديل، لكليتها ووفقها مع الحاجات التي تقتضيها الفطرة كالزواج والمعاملات والأخلاقيات والروابط الداخلية والروابط الخارجية والدفاع وغير ذلك، والتغير إنما هو في ناحية الموضوعات كالأمتعة، فإنها تتغير بتغير الزمان، ولكن أحكام المعاملة لا تتغير، وكالأسلحة فإنها تتغير بمرور الزمان، ولكن أحكام الدفاع بالسلاح لا تتغير، وهكذا. وأيضا من الأصول الكلية التي لا تتغير فيها هو أصل نفي الضرر والضرار، وأصل نفي العسر والحرج ونحوهما، مما لهما الدخل التام في حل المشاكل العصرية والمشاكل الفردية. هذا مضافا إلى الأحكام الموقتة السلطانية، ومما ذكر يظهر أن موجبات تجديد النبوة لا تكون موجودة بعد ظهور الإسلام وجامعيته، نعم يبقى الحاجة إلى البيان والتفسير والتطبيق، ولكنها محولة إلى الأئمة - عليهم السلام - فمع وجودهم لا حاجة إلى النبي الجديد أصلا، ولعله لذا ختم النبوة (2).
ومنها: أن لازم ختم النبوة هو قطع ارتباط الأمة مع المبدأ الاعلى، وفيه أن الارتباط بالمبدأ الأعلى لا ينحصر في النبوة إذ الارتباط بواسطة الأئمة - عليهم السلام - ميسور وممكن، بل واجب، إذ الإمامة غير منقطعة إلى يوم القيامة، والإمام محدث والملائكة تتنزل إليهم ويخبرهم بما يكون في السنة من التقدير والقضاء والحوادث، وبأعمال العباد وغير ذلك، لتواتر الروايات الدالة على ذلك، ومن جملتها ما روي عن الباقر - عليه السلام -: " إن أوصياء محمد - عليه وعليهم السلام - محدثون " (3).