قولا أو فعلا وهو يحصل بالاتمام والانجاز كما يشهد له قوله تعالى: " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا " (1).
والقدر بمعنى التقدير وهو تقدير الأشياء بحسب الزمان والمقدار والكيفيات والأسباب والشرائط ونحوها.
وقال الراغب في المفردات: " القضاء هو فصل الأمر، قولا كان ذلك أو فعلا. ثم جعل جميع موارد استعمال القضاء من هذا الباب - إلى أن قال -:
والقضاء من الله تعالى أخص من القدر، لأنه الفصل بين التقدير. فالقدر هو التقدير والقضاء هو الفصل والقطع، انتهى " ويظهر من المسالك اختيار المعنى المذكور للقضاء حيث قال: " سمي القضاء الفقهي قضاء، لأن القاضي يتم الأمر بالفصل ويمضيه ويفرغ عنه " (2).
ثم لا يخفى عليك أن القضاء بالمعنى المذكور ليس إلا واحدا، لأن الانجاز والا تمام لا يتعدد، فالقضاء واحد وهو حتم، هذا بخلاف التقدير، فإنه يختلف بحسب المقادير والأزمنة والكيفيات ونحوها، فالعمر مثلا يمكن أن يقدر لزيد ستين سنة إن لم يصل رحمه، وتسعين سنة إن وصلهم وهكذا. نعم اختص الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - التقديرات المتغيرة بالماديات، معللا بأن المجردات لا تقع تحت تأثير العوامل المختلفة (3) فافهم، وكيف كان فالقضاء حتم والتقدير حتم وغير حتم.
ومما ذكر يظهر أن القضاء متأخر عن القدر، فإن انجاز جميع التقديرات المختلفة لا يمكن بعد تنافيها، فالواقع منها ليس إلا واحدا بحسب تعينه وفقا للشرائط والأسباب، وهو القضاء، فمرتبة القضاء بعد مرتبة التقدير ومسبوق به.