مع الاحترام والتكريم لجهودهم إلا أن غالب هؤلاء الكتاب نظروا إلى المسألة على أساس إمام مذهبهم فالأول والثاني من هذه الكتب اعتمدا على رأي الإمام مالك - رضي الله عنه - كما أن الكتاب الخامس اتخذ من مذهب ابن تيمية مقياسا في حكمه، فخرج بنفس النتيجة التي خرج بها إمام مذهبه.
وأما الإمام الشاطبي فقد أطنب وأسهب كثيرا في تأليفه ولم يركز على نفس البدعة تحديدا ومصداقا.
ودراسة البدعة تتوقف على دراسة منهجية غير منحازة لمذهب خاص، وهذا يتوقف على الاجتهاد الحر من دون أن يتخذ رأي إمام محورا ورأي إمام آخر مسندا بل ينظر إلى الكتاب والسنة وسيرة المسلمين نظرة عامة شمولية فاحصة.
نعم لا تفوتنا الإشارة إلى الميزة الموجودة فيما كتبه الدكتور السعدي فقد أفاض الكلام في الجزئيات التي ربما وصفت بالبدعة وأثبت بدليل قاطع كونها غير بدعة، كما لا تفوتنا الإشارة بمنهجية البحث في كتاب الدكتور عزت علي عطية وقد نال به درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، ولكنه في بعض المواضيع افتقد الشجاعة الأدبية ولم يتجرأ على تجاوز السدود التي فرضتها عليه البيئة، فترى أنه يتوقف في التوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أنه قد تضافرت الروايات على جوازه.
وللجميع منا الشكر الجزيل، ولكن الحقيقة بنت البحث فلا عتب علينا إذا ناقشنا بعض آرائهم نتيجة الاجتهاد الحر، رزقنا الله توحيد الكلمة كما رزقنا كلمة التوحيد.
10 رمضان المبارك عام 1415 ه جعفر السبحاني