إن حق التشريع والتقنين لله تبارك وتعالى وقد استأثر به وقال: * (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) * (يوسف - 40) والمراد من الحكم هو التشريع بقرينة قوله: * (أمر ألا تعبدوا إلا إياه) * فالبدعة هو تشريك الناس في ذلك الحق المستأثر، ودفع زمام الدين إلى أصحاب الأهواء كي يتلاعبوا في الشريعة كيفما شاءوا، وكيفما اقتضت مصلحتهم ومصلحة أسيادهم وأربابهم، فذلك الحق المستأثر يقتضي ألا يتدخل أحد في سلطان الله وحظيرته، قال سبحانه:
* (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) * (الأحزاب - 26).
إن المبتدع يتصرف في التشريع الإسلامي فيجعل منه حلالا وحراما بدون إذن منه سبحانه وفي ذلك يقول سبحانه:
* (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل أالله أذن لكم أم على الله تفترون) * (يونس - 59) الآية واردة في عمل المشركين، حيث جعلوا ما أنزل الله لهم من الرزق بعضه حراما وبعضه حلالا فحرموا السائبة والبحيرة والوصيلة ونحوها فرد عليهم سبحانه وقال: * (أالله أذن لكم أم على الله تفترون) * أي أنه لم يأذن لكم في شئ من ذلك، بل أنتم تكذبون على الله، ثم يهددهم بالعذاب فيقول: * (وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون) * (يونس - 60) ويؤكد عليه في آية أخرى ويقول سبحانه: * (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) * (النحل - 116).
إن أصحاب الأهواء في كل زمان حتى في عصر الرسالة كانوا يقترحون على النبي الأكرم أن يغير دينه ويأتي بقرآن غير هذا، حتى يكون مطابقا لما تستهويه