أنفسهم، فأمر الله سبحانه أن يرد اقتراحهم بقوله: * (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) * (يونس - 15).
كان في عصر الرسالة من كان يتقدم على الله ورسوله لا مشيا وإنما تقديما لفكرته على الوحي فنزل الوحي منددا لهم وقال: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) * (الحجرات - 1).
إن الكذب من المحرمات الموبقة التي أوعد الله عليها النار، والبدعة من أفحش الكذب، لأنها افتراء على الله ورسوله، قال سبحانه: * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون) * (الأنعام - 21) فالمبتدع يظهر بزي المحق عند المسلمين فيفتري على الله تعالى دون أن يكشفه الناس فيضلهم عن الصراط المستقيم.
إن لله في كل واقعة حكما إلهيا لا يتبدل ولا يتغير إلى يوم القيامة، فإذا حكم الحاكم وفق ذلك الحكم فهو حاكم عادل معتمد على منصة الحق، إلا أن المبتدع يحكم على خلاف ذلك الحق فيصفه سبحانه بكونه كافرا وظالما وفاسقا، قال سبحانه: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * وقال عز من قائل: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) * وقال تعالى:
* (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) * (المائدة - 44، 45، 47).
فما حال إنسان يحكم عليه القرآن بالكفر تارة، والظلم ثانيا والفسق ثالثا؟
فهل ترجى له النجاة بعد أن أضل كثيرا من الناس وشق صفوف المسلمين وجعل السبيل الواحد سبلا كثيرة تضلهم إلى مهاوي الهالكين.
ولعل هذا المقدار من التقديم يكفي في تبين موضع البدعة وموقف المبتدع عند الله سبحانه، ولأجل ذلك نرى أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) شدد على البدعة، وندد