أقول: قد تقدم البحث عن البدعة الحقيقية فلا حاجة إلى إيضاحها من جديد فإن تحريم الحلال أو تحليل الحرام استنادا إلى شبه واهية أو بلا شبهة، بدعة حقيقية، وقد مرت الأمثلة فيما سبق والمهم إيضاح المقصود من البدعة الإضافية التي لها شائبتان من جهة تشبه السنة ومن جهة تشبه البدعة، وتتضح بالأمثلة التالية التي ذكرها الشاطبي نفسه:
1 - تخصيص يوم أو أيام، غير ما نهى الشارع من صومه أو ندب إلى صومه، بالصوم والمداومة عليه.
2 - تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات لم تشرع لها خصوصا كتخصيص اليوم الفلاني بكذا وكذا من الركعات أو بصدقة كذا وكذا، أو الليلة الفلانية بكذا وكذا من الركعات أو قراءة القرآن أو الذكر، فإن ذلك التخصيص والعمل به إذا لم يكن بحكم الوفاق، أو بقصد يقصد مثله أهل العقل والفراغ والنشاط كان تشريعا زائدا.
3 - ومن ذلك تحري ختم القرآن في بعض ليالي رمضان أو قراءة القرآن أو الدعاء بهيئة الاجتماع في عشية يوم عرفة في المسجد تشبها بأهل عرفة ونحو ذلك.
4 - ومن ذلك الأذان والإقامة في صلاة العيدين.
والسبب في كون هذه الأمور بدعا أمور ذكرها الشاطبي:
أولا: أن فيها تخصيصا بغير مخصص من الشرع وقد أصبحت بهذا التخصيص غير ما كانت عليه بدونه، فكما أن الصلاة المفروضة لا تصح قبل الوقت مع كونها هي هي، لوقوعها في غير وقتها المخصص لها. فكذلك ما تقدم من الأمثلة بما انضم إليها من الأوصاف غير الواردة تصير غير مشروعة.
ثانيا: أن مثل هذه الأمور عمل اشتبه أمره، أهو بدعة فينهى عنه أم غير بدعة فيعمل به؟ ومثل هذا جاء الأمر بالتوقي فيه والاحتراز منه كما يجب التوقف عن تناول اللحم المشتبه فيه.