سنة " فهو أيضا مثله فإنه يجب على العالم إرشاد الجاهل لا ترك العمل الذي دل الشرع على جوازه بالإطلاق والعموم.
ولو صح ما ذكره يجب ترك المسنونات أحيانا، لئلا يتخيل الجاهل أنها فريضة، فعلى من يرى القبض في الصلاة سنة، تركه في حين بعد حين، دفعا لعادية الجهل.
وعلى من يقم صلاة التراويح جماعة، تركها والإتيان بها فرادى لئلا يعتقد الجاهل أن التشريع مختص بالجماعة.
إلى غير ذلك من المضاعفات التي لا يلتزم بها الشاطبي وغيره، فجهل الجاهل لا يكون سببا لترك المسنون، لأنه لو قصر في التعليم فما ذنب من يريد الإتيان به وإنما علينا دفع عاديته.
وبذلك يظهر حسن الإتيان بالصلاة في المساجد التي صلى النبي فيها، وذلك لعموم الدليل الشامل لتمام المساجد التي صلى فيها أم لم يصل، وإنما يختار ذلك لأجل التبرك الذي تضافر النص بجوازه، وليس تخصيصها بالعبادة بمعنى ورود النص به بالخصوص، وإنما يختاره لغرض آخر وهو التبرك.
وأما كراهة مالك، المجيئ إلى بيت المقدس، فهو على خلاف السنة حيث رخص النبي السفر إليه كما سيوافيك عند البحث عن شد الرحال إلى زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومنه يظهر حال كراهته زيارة قبور الشهداء أو المجيئ إلى مسجد قباء فإنه إعراض عن السنة التي رسمها النبي، حيث أمر بزيارة القبور، وكان يجيئ إلى مسجد قباء كل أسبوع مرة ويصلي فيه.
وما أجمل قول الإمام الباقر عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق " (1).