انظر إلى الانسجام البديع، والتقابل الواضح بينهما، والاستهداف الواحد. والجميع بصدد تصنيف الوجوه يوم القيامة، إلى ناضر ومسفر، وناعم وإلى باسر، وأسود (غبرة)، وخاشع.
أما جزاء الصنف الأول فهو الرحمة والغفران، وتحكيه الجمل التالية:
* (إلى ربها ناظرة) *، * (ضاحكة مستبشرة) *، * (في جنة عالية) *.
وأما جزاء الصنف الثاني فهو العذاب، والابتعاد عن الرحمة، وتحكيه الجمل التالية:
* (تظن أن يفعل بها فاقرة) *، * (ترهقها قترة) *، * (تصلى نارا حامية) *.
أفبعد هذا البيان يبقى الشك في أن المراد من * (إلى ربها ناظرة) * هو انتظار الرحمة، والقائل بالرؤية يتمسك بهذه الآية، ويغض النظر عما حولها من الآيات، ومن المعلوم أن هذا من قبيل محاولة إثبات المدعى بالآية، لا محاولة الوقوف على مفادها.
ويدل على ذلك أن كثيرا ما يستخدم العرب النظر بالوجوه في انتظار الرحمة أو العذاب:
وإليك بعض ما ورد:
1 - وجوه بها ليل الحجاز على الهوى * إلى ملك كهف الخلائق ناظرة 2 - وجوه ناظرات يوم بدر * إلى الرحمن يأتي بالفلاح فلا نشك أن قوله: " وجوه ناظرات " بمعنى رائيات ولكن النظر إلى الرحمن كناية عن انتظار النصر والفتح.
3 - إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر