أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * (البقرة - 260) والفرق بين خطاب الله لموسى (عليه السلام) وبين خطابه لنوح وإبراهيم (عليه السلام) ظاهر (1).
وقد نقلنا كلام هؤلاء بالتفصيل ليقف القارئ على أنه كيف يتمسكون بما لا دلالة له على مطلوبهم، والشاهد على ذلك أنا لو عرضنا الآية على أي عربي مخاطب بالقرآن لا ينتقل إلى ما يدعون، ويتلقى إثبات الرؤية بها تحميلا للفكر على الآية لا تفسيرا لها، وإليك الإشارة إلى نقاط الضعف في كلمات هؤلاء.
أما الرازي، فمن أين يدعي أن الآية في مقام مواساة موسى لئلا يضيق صدره بسبب منع الرؤية؟ لو لم نقل إن الآية وردت على خلاف ما يدعيه، فإنما وردت في مورد الامتنان على موسى وموعظة له أن يكتفي بما اصطفاه الله به من رسالاته، وكلامه، ويشكره، ولا يزيد عليه.
هذا هو الظاهر من الآية، ولا وجه لحمل الآية بكونها في صدد المواساة، بعد ما صدر من موسى في الآية المتقدمة عليها قوله: * (سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين * قال يا موسى إني اصفيتك على الناس...) * (الأعراف: 143 - 144) فمقتضى ما صدر من موسى من تنزيه وتوبة وإيمان بأنه لا يرى، هو موعظته بالاكتفاء بما أوتي ولا يزيد عليه، لا أن يعتذر سبحانه منه ويواسيه بحرمانه رؤيته.
وأما ما ذكره صاحب روح البيان فعجيب جدا فإن استدلاله يتوقف على أن المراد من * (زيادة) * في قوله سبحانه: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * هو الرؤية وهذا أول الكلام وسيوافيك أن المراد منها هي الزيادة على الاستحقاق، فانتظر حتى يأتيك البيان.
وأما ما ذكره الدكتور تأييدا لما ذكره الرازي فضعفه واضح لأن الآية ليست بصدد مواساته، وأما اختلاف الخطاب بينها وبين ما ورد في طلب نوح هو أن