قال الرازي: إعلم أن موسى (عليه السلام) لما طلب الرؤية ومنعه الله منها، عدد الله عليه وجوه نعمه العظيمة التي له عليه، وأمره أن يشتغل بذكرها كأنه قال: إن كنت قد منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم كذا وكذا، فلا يضيق صدرك بسبب منع الرؤية وانظر إلى سائر أنواع النعم التي خصصتك بها، واشتغل بشكرها. والمقصود تسلية موسى (عليه السلام) عن منع الرؤية وهذا أيضا أحد ما يدل على أن الرؤية جائزة على الله تعالى، إذ لو كانت ممتنعة في نفسها لما كان إلى ذكر هذا القدر حاجة (1).
وقد تبعه إسماعيل البروسي فقال في تفسير قوله: * (وكن من الشاكرين) *:
أن اشكر، يبلغك إلى ما سألت من الرؤية لأن الشكر يستدعي الزيادة لقوله تعالى: * (لئن شكرتم لأزيدنكم) * (إبراهيم - 7) والزيادة هي الرؤية لقوله تعالى:
* (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * (يونس - 26) وقال عليه الصلاة والسلام:
الزيادة هي الرؤية، والحسنى هي الجنة (2).
وفي مؤخر المثبتين للرؤية من يستحسن مواقف المستدلين بهذه الآية ويقول: إن الاستدلال بهذه الآية على الجواز قوي، لأن الله تعالى عدد لموسى (عليه السلام) هذه النعم التي أنعم الله بها عليه لما منعه من حصول جائز طلبه منه، فذكر ما ذكر تسلية له ولو منعه من ممتنع لكان بخطاب آخر وذلك مثل خطابه تعالى لنوح: * (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعضك أن تكون من الجاهلين) * (هود: 45 - 46).
وقوله تعالى لإبراهيم (عليه السلام) حين قال: * (رب أرني كيف تحيي الموتى قال