يتعلق إلا بالمحسوس لا بالمجرد.
ثم إن الرازي أراد الخدش في هذا الأمر البديهي ولكنه رجع خائبا واعترض على هذا الاستدلال بوجهين:
الأول: أن ادعاء الضرورة والبداهة على امتناع رؤية الموجود المنزه عن المكان والجهة أمر باطل، لأنه لو كان بديهيا لكان متفقا عليه بين العقلاء وهذا غير متفق عليه بينهم، فلا يكون بديهيا ولذلك لو عرضنا قضية أن الواحد نصف الاثنين لا يختلف فيه اثنان، وليست القضية الأولى في البداهة في قوة القضية الثانية (1).
يلاحظ عليه: بأنه خفى على الرازي أن للبداهة مراتب مختلفة، فكون نور القمر مستفادا من الشمس قضية بديهية ولكن أين هذه البداهة من بداهة قولنا:
الواحد نصف الاثنين؟ أضف إلى ذلك أن العقلاء متفقون على لزوم المقابلة أو حكمها على تحقق الرؤية، وإنما خالف فيه، أمثال من خالف القضايا البديهية كالسوفسطائيين حيث ارتابوا في وجودهم وعلومهم وأفعالهم مع أنهم كانوا يعدون من الطبقات العليا في المجتمع اليوناني.
الثاني: أن المقابلة شرط في الرؤية في الشاهد فلم قلتم إنه في الغائب كذلك وتحقيقه، هو أن ذات الله تعالى مخالفة بالحقيقة والماهية لهذه الحوادث والمختلفات في الماهية لا يجب استواؤها في اللوازم فلم يلزم من كون الإدراك واجبا في الشاهد عن حضور هذه الشرائط، كونه واجبا في الغائب عند حضورها (2).
هذا كلامه في كتاب الأربعين ويقول في تفسيره: " ألم تعلموا أن ذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات، ولا يلزم من ثبوت حكم في شئ ثبوت مثل ذلك الحكم فيما يخالفه، والعجب أن القائلين بالامتناع يدعون الفطنة والكياسة ولم يتنبه أحد