8 - لم يكن نهي الخليفة عن متعة الحج مستندا إلى دليل شرعي وإنما نهى عنه لما كرهه أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم (1).
وهذا هو الذي نوهنا به في صدر البحث، أن الخليفة ومن لف لفه، كانوا يقدمون المصالح المزعومة على النصوص الشرعية مهما تضافرت وتواترت.
ثم إن المتأخرين قاموا بحفظ كرامة الخليفة، فحرفوا الكلم عن مواضعه وأولوا نهي الخليفة بوجهين:
1 - قالوا: إن ما حرمه وأوعد عليه، غير هذا وإنما هو أن يحرم الرجل بالحج حتى إذا دخل مكة فسخ الحج إلى العمرة، ثم حل وأقام حلالا حتى يهل بالحج يوم التروية (2).
وهذا كما ترى، لا يوافق ما مر من النصوص، خصوصا ما نقلناه من المناظرة بين سعد والضحاك بن قيس من صحيح مسلم، ومن وقف على النصوص الكثيرة، والمناظرة الدائرة بين النبي وأصحابه، وبين الصحابة أنفسهم يقف على أنه نهى عن حج التمتع.
روى البخاري عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا - رضي الله عنهما -، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى علي (النهي) أهل بهما: لبيك بعمرة وحجة قال: ما كنت لأدع سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقول أحد (3).
2 - إن نهي الخليفة عن متعة الحج لأجل اختصاص إباحة المتعة بالصحابة في عمرتهم مع رسول الله فحسب.