والقران والإفراد، ليسا أمرين متغايرين عندهم، بل يتمتع كل منهما بإحرام للحج وإحرام للعمرة، غير أن الإحرام في الأول يقترن بسوق الهدي دون الثاني، وعلى ذلك لا يجوز عندهم الإتيان بالحج والعمرة بإحرام واحد، ولا إدخال إحرام الحج في إحرام العمرة كما في القران الحكمي (1).
والأصل في حج التمتع، قوله سبحانه: * (فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب) * (البقرة - 196).
وتفسير الآية: إن من * (تمتع) * بسبب الإتيان * (بالعمرة) * بما يحرم على المحرم كالطيب والمخيط والنساء ومتوجها * (إلى الحج) * فعليه * (ما استيسر من الهدي) * من البدنة أو البقرة أو الشاة. ثم بين كيفية الصيام وقال: * (ثلاثة أيام في الحج) * متواليات و * (سبعة إذا رجعتم) * إلى أوطانكم * (تلك عشرة كاملة وذلك) * أي التمتع بالعمرة إلى الحج فرض من لم يكن أهله باعتبار موطنه ومسكنه * (حاضري المسجد الحرام) * أي لم يكن من أهل مكة وقراها * (واتقوا الله) * فيما أمرتم به ونهيتم عنه في أمر الحج * (واعملوا أن الله شديد العقاب) *.
والآية صريحة في جواز التمتع بمحظورات الإحرام بعد الإتيان بأعمال العمرة وقبل التوجه إلى الحج ولم يدع أحد كونها منسوخة بآية، أو قول أو فعل، بل أكد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) تشريعه بعمله.
روى أهل السير والتاريخ: إن رسول الله خرج في العام العاشر من الهجرة إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة، وقالت عائشة: لا يذكر ولا يذكر الناس إلا الحج حتى إذا كان بسرف وقد ساق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الهدي،