الله بالاعتصام به، فقال عز وجل: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (1) فقالوا: يا رسول الله بين لنا ما هذا الحبل؟ فقال: هو قول الله: " إلا بحبل من الله وحبل من الناس " (2)، فالحبل من الله كتابه، والحبل من الناس وصيي، فقالوا: يا رسول الله ومن وصيك؟، فقال: هو الذي أنزل فيه: " أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله " فقالوا: يا رسول الله وما جنب الله هذا؟ فقال: هو الذي يقول الله فيه:
" ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا " (3) هو وصيي، السبيل إلى من بعدي، فقالوا: يا رسول الله بالذي بعثك بالحق أرناه، فقد اشتقنا إليه، فقال: هو الذي جعله الله آية للمتوسمين فإن نظرتم إليه نظر من " كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " عرفتم أنه وصيكم، كما عرفتم أني نبيكم فتخللوا الصفوف، وتصفحوا الوجوه، فمن أهوت إليه قلوبكم فإنه هو، لأن الله عز وجل يقول في كتابه: " واجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم " (4) وإلى ذريته عليه السلام، قال: فقام أبو عامر الأشعري في الأشعريين، وأبو غرة الخولاني في الخولانيين وظبيان وعثمان بن قيس، وغربة الدوسي في الدوسيين، ولاحق بن علاقة، فتخللوا الصفوف، وتصفحوا الوجوه، وأخذوا بيد الأصلع البطين، وقالوا: إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه، فيم عرفتم أنه هو؟ فرفعوا أصواتهم يبكون،