أسخطني، قالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالت: فإني أشهد الله وملائكته إنكما أسخطتماني، وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأشكونكما إليه، فقال أبو بكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها.
ثم خرج باكيا، فاجتمع إليه الناس، فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته مسرورا بأهله، وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي، قالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين، فقال: والله لولا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بت ليلة ولي في عنق مسلم بيعة، بعد ما سمعت ورأيت من فاطمة عليها السلام.
قال: فلم يبايع علي كرم الله وجهه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمسا وسبعين ليلة، قال: فلما توفيت أرسل علي إلى أبي بكر، أن أقبل إلينا، فأقبل أبو بكر حتى دخل على علي عليه السلام وعنده بنو هاشم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد يا أبا بكر فإنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكارا لفضيلتك، ولانفاسة عليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددت علينا، ثم ذكر علي عليه السلام قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يزل يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر، فقال أبو بكر: لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يصنعه إلا صنعته إن شاء الله تعالى، فقال علي عليه السلام: موعدك غدا في المسجد الجامع للبيعة إن شاء الله تعالى.
ثم خرج فأتى المغيرة بن شعبة، فقال: ألا ترى يا أبا بكر أن تلقوا