ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق، لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طلبت فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت، فنحن منهم متقدمون فيهم، وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا كارهين، فأما ما بذلت لنا فإن يكن حقا لك فلا حاجة لنا فيه، وإن يكن حقا للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم، وإن كان حقا لنا لم ترض عنك فيه ببعض دون بعض.
وأما قولك إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منا ومنكم فإنه قد كان من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
قال: ثم خرج أبو بكر إلى المسجد الشريف فأقبل على الناس فعذر عليا عليه السلام بمثل ما اعتذر عنده، ثم قام علي عليه السلام فعظم حق أبي بكر، وذكر فضيلته وسابقته، ثم مضى فبايعه، فأقبل الناس على علي عليه السلام فقالوا:
أصبت يا أبا الحسن، وأحسنت، قال: فلما تمت البيعة لأبي بكر أقام ثلاثة أيام يقيل الناس، ويستقيلهم، يقول: أقلتكم في بيعتي، هل من كاره هل من مبغض؟ فيقوم علي عليه السلام في أول الناس فيقول: والله لا نقيلك ولا نستقيلك أبدا، قد قدمك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتوحيد ديننا، من ذا الذي يؤخرك لتوجيه دنيانا " انتهى كلامه. وقد ذكر قبل ذلك:
ثم إن عليا كرم الله وجهه أتي به إلى أبي بكر وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتأخذونه منا أهل البيت غصبا، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيكم، فأعطوكم المقادة، وسلموا إليكم الإمارة، فإذا احتج عليكم بمثل ما