بيان كيفية اختصاصه بالمعطوف عليه.
فأقول بعون الله تعالى ومشيئته: إن لأم الجر تفيد الاختصاص في جميع الموارد، ويختلف أنحاؤه وخصوصياته باختلاف خصوصيات الموارد، ففي بعضها يتلبس بلباس التعليل، كقولك: ضربت للتأديب، وقعدت للجبن، فإن اختصاص الضرب بالتأديب لا يصلح إلا للتعليل تحصيلا، كما أن اختصاص القعود بالجبن لا يصلح إلا للتعليل حصولا.
وفي بعض المواضع يتلبس بلباس التوقيت، نحو قوله تعالى: ﴿أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل﴾ (١) فإن اختصاص إقامة الصلاة بدلوك الشمس لا يصلح إلا للتوقيت.
وقد يتلبس بلباس الملكية، كقولك: المال لزيد، أو بلباس الاستحقاق، كقولك: الحمد لله، أو بلباس الاختصاص على وجه المصرفية، كقوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء﴾ (2) أو بلباس الاختصاص الوضعي، كقولك: هذا اللفظ لهذا المعنى، أو اللبسي، كقولك: الجل للفرس، وهكذا من الخصوصيات المختلفة باختلاف الموارد.
والخصوصية الصالحة للمورد إنما هو حق السلطنة والولاية والإمارة، إذ الخصوصيات الصالحة في بدو النظر في المقام أربعة: المصرفية، والملكية بمعنى الجدة والملكية تكوينا، وحق السلطنة، ولا سبيل إلى الثلاثة المتقدمة.
أما الأول: فلعدم تطرق الحاجة إليه تعالى، حتى يصير مصرفا للمال.