طاعته على الأمة كما يجب طاعة النبي عليهم.
فبعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنت أخي ووارثي " (1) وتصريحه بأن هذه الوراثة ليست وراثة مال بل وراثة ما هو من شؤون نبوته ورسالته صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: ما ورث الأنبياء قبلي " وتبيينه بعد ذلك: أن ما تركه الأنبياء هو الكتاب والسنة لا يبقى مجال لجعل الخلافة لغيره، لأن الخلافة والإمامة لا حقيقة لها إلا هذه الوراثة التي أثبتها لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وجعلها مختصة به فجعل الخلافة لغيره نقض صريح لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " وأنت أخي ووارثي " وتوريث للأجنبي ومنع للوارث عن إرثه.
فإن قلت: كون الإمامة خلافة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حيث نبوته أمر معلوم، ولذا يفترض طاعة الإمام على الأمة كما يجب طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليهم، ولكن شؤون النبوة متعددة، فمنها: العلم بالكتاب والسنة، ومنها:
افتراض الطاعة، ومنها: العصمة والطهارة، ومنها: نزول الوحي عليه صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا من شؤون. والحديث الشريف يدل على ثبوت الشأن الأول لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام، وأي مانع من قيام شأنه الآخر وهو افتراض الطاعة بغيره.
قلت: افتراض الطاعة من الشؤون المترتبة على الشأن الأول، ضرورة استحالة افتراض طاعة الجاهل في حد نفسه، لأنه مع عدم ترتب هداية عليه إلقاء في الحيرة والضلالة.
وأشد محذورا منه تقديم طاعته على طاعة العالم، قال عز من قائل:
(أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى ما لكم كيف تحكمون). (2)