قال عز من قائل: (أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون). (1) فإن قلت: يجوز أن يقال إن (هاد) معطوف على منذر، كما نقله الطبرسي رحمه الله عن بعض العامة، (2) فيصير المعنى حينئذ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذر وهاد لكل قوم.
قلت: مع أنه خلاف ظاهر التركيب، ومناف للروايات المفسرة من الجانبين، يستلزم تعلق المجرور ب (هاد) دون (منذر)، إذ لو كان متعلقا بهما، وكان من قبيل باب التنازع للزم أن يقال: إنما أنت منذر وهاد لكل قوم، فيلزم حينئذ أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم هاديا لكل قوم، ولم يكن منذرا كذلك وهو غلط، إذ الانذار والهداية بلا واسطة يختص بهما من كان في عصره صلى الله عليه وآله وسلم وبواسطته تعمان كل عصر وكل قوم، فلا مجال للتفكيك بينهما بتخصيص هدايته بكل قوم، دون إنذاره، فتعين أن يكون المجرور خبرا مقدما عن هاد، والعطف من قبيل عطف الجملة على الجملة.
والحمد لله الذي أوضح الحق لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.