بالحشر والنشر على ما يدل عليه قوله تعالى (إذا مزقتم كل ممزق انكم لفي خلق جديد) (1) في الافتراء والإخبار حال الجنة على سبيل منع الخلو، ولا شك ان الإخبار حال الجنة غير الكذب وغير الصدق. أما أنها غير الكذب لأنه قسيمه إذ المعنى اكذب أم أخبر حال الجنة، وقسيم الشيء يجب أن يكون غيره. وأما أنها غير الصدق لأن الكفار اعتقدوا عدم صدقه فمرادهم بكون خبره في حال الجنة غير الصدق وغير الكذب وهم عقلاء من أهل اللسان عارفون باللغة فيجب أن يكون من الخبر ما ليس بصادق ولا كاذب حتى يكون هذا منه بزعمهم.
ورد هذا الاستدلال بأن " أم به جنة " بمعنى " أم لم يفتر " فعبر عن عدم الافتراء ب " الجنة " لأن المجنون لا افتراء له. إذ الافتراء هي الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون. فيكون حصر الخبر الكاذب بزعمهم في نوعيه، أعني الكذب عن عمد والكذب لا عن عمد.